حاوره| نجيب علي العصار
قال اللواء عوض محمد بن فريد العولقي محافظ شبوة، أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة حررت جنوب الوطن وفتحت الطريق نحو الوحدة اليمنية.
وأكد العولقي في حوار أجرته “الوحدة” الصادرة اليوم الأربعاء، أن ثورة الـ 14 من أكتوبر 1963، ملحمة يمنية جسدت شموخ اليمنيين ورفضهم للاحتلال والوصاية وكل أشكال الخضوع التي كان يمارسها الاحتلال البريطاني آنذاك، داعياً الأحرار في كافة المحافظات الواقعة تحت الاحتلال لمناهضة المحتل السعودي الإماراتي ومرتزقته وعملائه وإجباره على المغادرة وإنهاء وجوده وهيمنته السافرة على المحافظات الجنوبية والشرقية والجزر اليمنية، فإلى نص الحوار:
- ثورة 14 أكتوبر 1963 ثورة تحررية عظيمة في تاريخ اليمن المعاصر.. ماذا يعني لكم شخصيا العيد الـ 61 للثورة الأكتوبرية باعتباركم أحد الرموز النضالية؟
حقيقةً، ذكرى العيد الوطني الـ61 لثورة الـ14 من أكتوبر، تمثل ملحمة ثورية عظيمة يجسد فيها أبناء الشعب اليمني من خلال إحياء ذكرى هذه الثورة اعتزازهم بهذه الثورة الخالدة التي يحتفلون بذكراها، والتي مثلت انطلاق مرحلة الكفاح المسلح من جبال ردفان من أجل طرد الاحتلال البريطاني الذي جثم على أرض جنوب اليمن أكثر من ١٢٨ عاماً لنيل الاستقلال والحرية، وبالتالي فإن احتفال أبناء الشعب اليمني بها يُعد تأكيداً على اعتزازهم بهذه الثورة العظيمة و إصرارهم على السير نحو طريق التحرير والثورة لطرد المحتلين الجدد من جنوب اليمن.
ثورة أكتوبر حررت جنوب الوطن وفتحت الطريق نحو الوحدة اليمنية
كما أن ثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة لا تزال تمثل محطة ثورية يستلهم منها اليمنيون أعظم معاني النضال والتضحية من أجل انتزاع حريتهم واستقلالهم وسيادتهم من المحتل بالقوة، وهي بالنسبة لنا تجسد انحياز وانتصار اليمنيين لتاريخهم النضالي المشرف الرافض لكل أشكال الوصاية والاحتلال عبر كافة مراحل التاريخ القديم والحديث.
ثورة تحررية عظيمة
- ماهي دلالات ومعاني هذه المناسبة بالنسبة لشعبنا في ظل التحولات والمعطيات والمستجدات الراهنة؟
بلا شك ، فإن لهذه المناسبة العظيمة دلالات ومعان كبيرة لدى أبناء الشعب اليمني في جنوب اليمن وشماله وشرقه وغربه ، حيث تعد تعبيراً حياً عن مدى إيمان اليمنيين بقداسة حريتهم وما تمثله حريتهم من قدسية لا يمكن المساومة عليها ، ورفضهم الخضوع للمحتل وكل أشكال الاستعمار ، لذلك فقد حملوا السلاح ضد المستعمر البريطاني وأرغموا ما كانت تسمى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على الخضوع لإرادة اليمنيين والرحيل من جنوب اليمن في الـ ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧م، بعد أن التحم عدد من مناضلي ثورة الـ٢٦ من سبتمبر مع إخوانهم مناضلي ثورة الـ١٤ من أكتوبر وصنعوا بتضحياتهم وبدمائهم الطاهرة الاستقلال لجنوب الوطن.
شكّل اندلاع الثورة من جبال ردفان بداية مرحلة الكفاح المسلح ضد المحتلين البريطانيين
واليوم تطل علينا الذكرى الـ61 لثورة الـ14 من أكتوبر في ظل أحداث ومعطيات ومستجدات دولية جديدة ساهمت للأسف في إعادة جزء من الوطن إلى الوقوع تحت الاحتلال السعودي الإماراتي، ومن يقف خلفهم من الأمريكان والبريطانيين والصهاينة الذين يحاولون إخضاع الجنوب لمشاريعهم الخبيثة، ومحاولة التغرير على أبناء الجنوب بالشعارات الكاذبة، وأنهم جاءوا من أجل مصلحة اليمن وإعادة ما تسمى بالشرعية، ليدرك أبناء الشعب اليمني بعد أكثر من قرابة ثمانية أعوام من الاحتلال كذب ادعاءاتهم ومبرراتهم، ويرى الجميع اليوم ما يمارسونه من نهب ممنهج لثروات الجنوب، وعدم تقديم أي شيء للمواطن الذي يفتقر لأبسط الخدمات الأساسية.
لهذا أصبح الناس في الجنوب على قناعة كاملة بأهمية التحرير وتطهير الجنوب من الاحتلال ومرتزقتهم، وإصرارهم أيضا على الانتصار لتاريخهم النضالي الرافض لكل أشكال الخضوع والاحتلال.
سياسة “فرّق تسد”
- ماذا يمكنكم الحديث للمناضلين وأسر الشهداء وثوار أكتوبر ولأبناء الجنوب عموماً عن انجازات هذه الثورة التحررية ضد المستعمر البريطاني؟
الثوار والمناضلون وأسر الشهداء ومناضلو ثورة الـ 14 من أكتوبر يدركون عظمة وأهمية هذه الثورة التي حررت جنوب اليمن من أسوأ استعمار جثم على أرض جنوب اليمن لعقود طويلة، وظل ينهب ثروات الجنوب ويستفيد من موقعه الجغرافي المتميز لصالح بريطانيا ويزرع الأحقاد والطائفية، ويتخذ مبدأ “فرق تسد” لزرع الخلافات ليستمر في احتلاله لأطول وقت ممكن، فجاءت ثورة الـ 14 من أكتوبر لترغمه على الرحيل بالقوة وتعيد للجنوب استقلاله وحريته.
أما عن انجازات ومكاسب ثورة الـ14 من أكتوبر وأهدافها فهي معروفة ورغم كل المنعطفات والصراعات التي حدثت بعدها وبعد الاستقلال، إلاّ أنها أعادت للجنوب سيادته واستقلاله، ولعل أهم ثمارها في اعتقادي أنها أفسحت للمناضلين الطريق للسير من أجل تحقيق وحدة اليمن ليتحقق هذا الإنجاز في الـ٢٢ من مايو ١٩٩٠م، ورغم الأخطاء التي حدثت بعد تحقيق الوحدة اليمنية، والتي أثرت عليها فعلياً إلا أن اليمنيين توحدوا بعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر، والتفوا حول مشروع وطني جامع مشروع الحرية والاستقلال والخروج من عباءة الوصاية، وبناء الدولة اليمنية الحديثة والقوية والمستقلة، التي تضمن العيش الكريم لكل أبناء الشعب اليمني في كل ربوع اليمن.
استعادة الأهداف العظيمة
أما في ما يخص مدى تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر فاقترح شخصياً تشكيل لجنة من أحرار اليمن شمالا وجنوباً ومن المناضلين المجهولين وغير الحزبيين لتقييم ثورتي سبتمبر وأكتوبر تقييمًا شاملاً، وتحديداً ما تم إنجازه من أهداف هاتين الثورتين وما هي الأخطاء التي ارتكبت، ولماذا لم تتحقق أهدافهما بشكل مرضٍ مع قناعتي أن السلبيات أكثر من الإيجابيات.
ذكرى ثورة أكتوبر محطة ملهمة لإعلان الكفاح المسلح ودحر المحتلين الجدد من جنوب الوطن
وهناك أسباب كثيرة لعدم تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر لتلبي طموحات المناضلين وكل ابناء الشعب اليمني، ومن أهمها المؤامرات التي تعرضت لهما الثورتين من قبل حكام السعودية وعملائها وأرى أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر تعتبر ثورة تصحيحية لما قبلها، ونتمنى أن تعمل على إنجاز ما عجزت عنه الثورتين السابقتين، لتحقيق طموحات كل اليمنيين شمالًا وجنوباً في ظل يمن موحد وبمشاركة كل اليمنيين الأحرار والمخلصين والشرفاء الذين يرفضون التدخلات الخارجية، وبالتأكيد يرفضون مشاركة العملاء وبائعي الوطن في صناعة مستقبل اليمن.
أصوات نشاز
- لماذا يتحسر البعض على عهد الاحتلال ويتجاسر على عهد الثورة والاستقلال؟
أجزم أنه لا يوجد أحد يتحسر على عهد الاستعمار البريطاني، لاسيما كل من تجرع ويلات هذا الاستعمار وعانى من الفقر والصراعات والشتات ممن عاشوا في تلك المرحلة فهم يدركون هذا الكلام، وما قد نسمعه من البعض من جيل ما بعد التحرير من تجاسر على عهد الحرية والاستقلال هو في إطار المماحكات ومحاولة الحصول على مكاسب خاصة وهذه أصوات نشاز، وهذا العمل ينم عن جهل لأنهم لم يعرفوا ولم يعيشوا مساوئ وويلات الاحتلال ومن هذا القبيل، وهذا رأيي الشخصي.
اليمنيون توحدوا بعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر والتفوا حول مشروع وطني جامع هو الحرية والاستقلال
معاناة ونهب للثروات!
ولعل اليوم وما يحدث في جنوب اليمن من معاناة وانفلات أمني وفقر وعوز ونهب للثروات وتقييد للحريات وانعدام للخدمات وتضخم للعملة ووو إلخ، كفيل بل يؤكد بأن العدالة والرفاهية والخدمات والحياة الكريمة لا تتحقق إلا في ظل الحرية والاستقلال، وامتلاك الدولة لسيادتها وقرارها السيادي، وهذه حقيقة يؤكدها الواقع اليوم في المحافظات الجنوبية التي تعاني كثيراً جراء الاحتلال السعودي الإماراتي ومن خلفهما أمريكا وبريطانيا، التي تُعتبر من الفاعلين الدوليين الأساسيين في العدوان على اليمن، وتمارس استراتيجياتها الاستعمارية القديمة الجديدة عبر الإمارات من خلال احتلال معظم السواحل اليمنية الجنوبية والغربية.