شكلت عملية إطلاق النار عند معبر الكرامة، والتي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي، ضربة أمنية للاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول وعمل دوما على إحكام قبضته على الحدود مع الأردن التي تعتبر أحد منافذ تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية المحتلة، وهذه العملية تثبت أن الاحتلال الإسرائيلي يستبعد فكرة تنفيذ عمليات دعم للمقاومة الفلسطينية مصدرها الأردن بالتزامن مع حرب الإبادة على قطاع غزة التي دخلت شهرها الثاني عشر.
الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة، شهدت منذ ستينيات القرن الماضي العديد من عمليات التسلل وتنفيذ عمليات فدائية، ومنذ معركة طوفان الأقصى شهدت الحدود حالة من التوتر وعدة محاولات للتسلل ومظاهرات حاشدة دعما للفلسطينيين وصلت مقر السفارة الإسرائيلية في عمان، ما يثبت فشل فرضية الاحتلال بشأن اتفاقات التطبيع مع الدول العربية، وعادت عملية معبر الكرامة التي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين، لتؤكد أن الأردنيين لم ينغمسوا كما قيادتهم في اتفاق “السلام” الذي أبرمته المملكة الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت عملية معبر الكرامة، أن الأنظمة العربية المطبعة لم تلق تأييد شعوبها، الذين خرجوا في مظاهرات ضخمة تضامنا ودعما للفلسطينيين الذين يواجهون حرب إبادة جماعية ومجازر يومية على مدار أشهر.
يضاف لذلك، خرج آلاف الأردنيين في مسيرة، مساء الأحد، من المسجد الحسيني وسط عمان القديمة، لإقامة “زفة شهيد” بعد عملية معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي. ودعت الحركة الإسلامية إلى الفعالية، وأطلقت عليها “من الكرامة للكرامة”، للإشادة بمنفذ عملية المعبر، والتي وشهدت المسيرة حضورا كبيرا من قبل الأردنيين، فيما قال نشطاء، إن أجهزة الأمن منعت المشاركين في المسيرة، من إدخال السيارة التي تحمل مكبرات الصوت.
ويقول مراد العضايلة أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن لـ شبكة قُدس، إن العملية البطولية التي قام بها الشهيد ماهر الجازي تعبر عن ضمير الشعب الأردني الذي يؤكد فيها دعمه للمقاومة والمصير الواحد بين الشعبين الأردني والفلسطيني وأن العملية جاءت للرد على المجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين وحرب الإبادة في قطاع غزة.
وأكد العضايلة، أن عملية معبر الكرامة، رد طبيعي مباشر على تهديدات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للأردن وتهديدات أركان حكومته اليمينية المتطرفة وما يخططون له للمساس بالمسجد الأقصى عبر بناء كنيس يهودي والعديد من الإجراءات التهويدية.
وقال العضايلة لـ “شبكة قُدس”، إن “هذا البطل (الشهيد ماهر الجازي) يجدد موقف الشعب الأردني وهو ابن أكبر قبائل الأردن التي كان لها دور في التضحية في القضية الفلسطينية، واليوم يتجدد الدم والكرامة وتضحيات الشعب الأردني لتؤكد أن الشعب الأردني مصر على دعم المقاومة والشعب الفلسطيني ويقف في خندق غزة وخندق أهلنا في فلسطين حتى تحرير كل فلسطين”.
وشدد أن “الشعب الأردني ليس شعبا متضامنا مع الفلسطينيين ولكنه صاحب قضية ومشروع وأحد عناوين التحرير وسيبقى بوابة التحرير والفتح”.
يذكر، أنه منذ بداية الحرب، لم يهدأ الحراك الشعبي الرافض للعدوان والمطالِب برفع سقف مستوى الرد الرسمي إلى إلغاء معاهدة “السلام” ودعم المقاومة الفلسطينية، وإخراج القوات الأميركية التي توجد بصفة غير دستورية على الأرض الأردنية؛ إذ إن الاتفاقية التي توجد بموجبها لم تُعرض على مجلس النواب لإقرارها خلافا لما ينص عليه الدستور.
وبدورها، بذلت الأجهزة الأمنية جهودا كبيرة لاحتواء هذه التحركات الشعبية، من خلال محاولة توجيهها إلى مناطق ذات حساسية سياسية منخفضة كمراكز المدن، وإبعادها عن الحدود وسفارتي الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، إضافة إلى اعتقال المئات من الناشطين الذين لا يلتزمون بهذه السياسات.
إلا أن الجمهور وجد لنفسه فرصة للتعبير عن نفسه في التجاوب الواسع مع دعوات الإضراب الشامل الذي شهده الأردن يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2023.
أبرز العمليات
في مارس 2024، أعلن الاحتلال الإسرائيلي اعتقال مسلحين بالقرب من مستوطنة “بتسائيل” المقامة على أراضي الفلسطينيين في قرية فصائل، بعد اجتياز الحدود من الأردن، وكانا يحملان رشاش كلاشينكوف ومشطين للذخيرة، وقال جيش الاحتلال إنهما اعترفا خلال التحقيق أنها كانا ينويان تنفيذ عملية فدائية ردا على المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة.
وفي 5 أبريل 2024؛ أعلن جيش الاحتلال أن مسلحا أطلق النار صوب جيب عسكري بعد أن تجاوز الحدود الأردنية حيث تمكن المنفذ من الانسحاب إلى الأراضي الأردنية بعد تنفيذ عملية إطلاق النار.
وفي 29 يناير 2007، تمكن محمد فيصل السكسك من سكان قطاع غزة من التسلل إلى الأراضي المحتلة عبر الأردن، فوصل إلى مدينة إيلات، واستقل سيارة أجرة، متجها لمكان تنفيذ عملية تفجير، وقد وصل إلى مخبز في مستوطنة سيمشون، وقد أسفر التفجير عن مقتل 3 إسرائيليين.
وفي 13 مارس 1997 أثناء تأديته الخدمة العسكرية في منطقة الباقورة، أطلق الجندي أحمد الدقامسة النار على مستوطنات في المنطقة، فقتل 7 منهن وجرح أخريات، وقال الدقامسة خلال محاكمته إن هؤلاء المستوطنات استهزأن به، وكن يضحكن ويطلقن بعض النكات تجاهه أثناء صلاته.
وفي أبريل 1997 تمكنت سونا الراعي من تهريب مسدس ربطته على ساقها، أثناء اجتيازها للحدود الأردنية من جسر الملك حسين وفتحت النار على جنود للاحتلال فأصابت عددا منهم، قبل اعتقالها.
وفي 8 فبراير 1991 قام الطالب في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية مروان عرندس ورفيقاه خليل زيتون ورائد الصالحي عملية نوعية، بالتسلل فلسطين المحتلة من جهة وادي عربة، وكمنوا لحافلة تقل جنودا للاحتلال وأطلقوا النار عليها واشتبكوا معهم لمدة 5 ساعات وأدت العملية لمقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال، قبل استشهاد الفدائيين.
وتمكن الأردني سلطان العجلوني، من اجتياز الحدود في 13 نوفمبر 1990، وهاجم موقعا عسكريا إسرائيليا وقتل رائدا في قوات الاحتلال.
وفي 8 نوفمبر 1990 وردا على مجزرة الأقصى التي وقعت قبل شهر من العملية، تسلل سالم أبو غليون وخالد أبو غليون وأمين الصانع وإبراهيم غنيم ونايف كعابنة، من الحدود الأردنية للأراضي المحتلة واشتبكوا مع دورية إسرائيلية على بعد 3 كيلومترات شرق بلدة العوجا القريبة من أريحا لمدة 4 ساعات قتل وجرح خلالها عدد من الجنود فيما استشهد الكعابنة واعتقل باقي أفراد المجموعة.
وفجر يوم 22 ديسمبر 1990 اجتاز الطالب في الثانوية علاء الدين حجازي ضفة نهر الأردن متسللا للأراضي الفلسطينية المحتلة لتنفيذ عملية ضد جنود الاحتلال متسلحا بسكين وحاملا مصحفه، ليطلق عليه جنود الاحتلال النار ويرتقي شهيدا، وكتب في وصيته: (لماذا تخافون من الدخول إلى فلسطين وتحريرها؟).
المصدر: “قدس برس”