صدر حديثا عن دار كنوز المعرفة في الأردن كتاب «الرواية العربية والعرفان في الألفية الثالثة، مقاربة ثقافية» للباحث المغربي محمد أعزيز، حيث يرى هذا الأخير أنّ «الكاتب العربي تلقّف الرواية، بشغفٍ، ليخوض غمار التسريد، مستفيدا من إرثه الحكائي الغني والمتنوع، ومحاولا تأصيل هذا الشكل الأدبي الوافد، وعمد إلى تبني الرواية كنمط تعبيري يتفاعل من خلالها مع واقعه، متخذا من السرد آلية لإيصال صوته؛ انخراطا في قضايا مجتمعه وأمّته، مستفيدا في ذلك من مختلف الإمكانات التعبيرية التي أتاحها له هذا اللون السردي.
وفي هذا السياق، يتبدى للناقد أن «العرفان شكل بإمكاناته التعبيرية وتوظيفاته الفنية، أحد أهم المرتكزات التسريدية المصاحبة للنص الروائي العربي، في تحققاته النصية، في مختلف المحطات التاريخية التي مرت بها الرواية العربية؛ فالروائي العربي استلهم العرفان في تجاربه الأولى، واستمر – في استثماره – في السياقات التي تلَتْ مرحلة التأسيس والتأصيل، إلا أن دواعي العودة إلى العرفان؛ للنّهَل منه، ارتهنت بطبيعة السياق التاريخي والثقافي لمرحلة التسريد في تلازم جدليٍّ مع الأسئلة الفنية المثارة في كل سياق على حدة».
ويأتي هذا الكتاب حسب الباحث «ليُعيد التأمل في هذه العلاقة بين الرواية العربية والعرفان؛ بغية الكشف عن المسوِّغات التي تجعل الكاتب العربي مشدودا، على الدوام، في مختلف سياقاته التاريخية، إلى استحضار المكوِّن العرفاني في رواياته؛ وذلك بالارتكاز أساسا على مصاحبة بعض روايات الألفية الثالثة، التي تشكّل عينة بحثية، تروم تجلية الخلفيات الثقافية الموجِّهة لهذه العودة المُطَّردة لتسريد العرفان في سياقنا الراهن، من أجل كشف علة هذه الغواية المتجددة للروائيين العرب بالمسألة العرفانية في سُرودهم؛ بحيث إنهم نزعوا إلى المَتْح من التراث العرفاني، بمختلِف روافده وتشعباته، نزوعاً يكاد يتشكل بوصفه ظاهرة».