عبد المجيد التركي*
غداً سأرتدي نظارة طبية،
سأرى الأشياء بوضوح رجل ثـمانيني
وسأبدو أكثر نضوجاً وحكمة.
***
في طفولتي تمنيت أن أضعَ نظارة على وجهي
وأن يتساقط شعري، لأبدو عبقرياً..
كان الصلع مرتبطاً بالذكاء في نظري
وكان تفكيري غبياً.
***
قال لي الطبيب: ماذا ترى؟
أرى أرواح الضحايا،
وأرى بياض الفحم
والدعوات المستجابة.
***
أبدو كالعباقرة والمخترعين
وأولئك الذين يفكرون بعمق..
النظارة جعلتني أشعر بالخمس والأربعين سنة
التي ليس فيها ما يستحق الرؤية.
***
الأطباء
يضعون النظارة على أطراف أنوفِهِم
ويقرأون الروشتة من خلف العدسات..
وأطباء العيون
يخلعون نظاراتهم حين ندخل إليهم،
كي لا نقول في سرنا:
“باب النجارِ مخلوع”.
***
تذكرت نظارةَ أبي….
كنت أرتديها لأرى نفسي كبيراً،
وأرى مسامات يدي مثل مقبرة بعيدة،
وهو يحذرني أنها ستسحب نظري..
كيف استطاع مخترعها أن يصنع عينينِ من الزجاج
ويجمِّدَ فيهما كل هذا الوضوح؟
***
تذكرتُ نظارة ابني الصغير….
حين ينام..
أرتديها لتسحبَ نظري وأكون مثله،
تمنيت لو قايضته بعيوني ويعطيني نظارته.
- من كتاب “كبرتُ كثيراً يا أبي”.