Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

كيف تطوّر مهارات القراءة العميقة؟

لا يعاني القرّاء الذين ولدوا في العصر الرقمي من صعوبة قراءة نص طويل فحسب، بل إن كثيرا منهم فقدوا مهارة “القراءة المتعمقة”. وقد تحول القلق بشأن قدرة أبناء العصر الرقمي والشباب على قراءة أيّ شيء أطول من حجم الشاشة إلى ما يشبه الذعر، وهناك الكثير من الأدلة التي تدعو إلى التعامل بجدّية مع هذا القلق.

تحولات القراءة

تعمل التكنولوجيا على تغيير الطرق التي نقرأ بها، بما في ذلك عادة تقليب الصفحات، وقبل فترة طويلة من اختراع غوتنبرغ للمطبعة في القرن الـ15م، كان الحصول على المعلومات من المصادر المكتوبة مثل المخطوطات والسجلات والكتب القديمة يعتبَر رفاهيةً لا تتاح لعموم الناس.

وقبل الطباعة الحديثة كانت الكتب تنسخ يدويًّا بطريقة مُضْنية، وكان كثير منها يضيع بسبب الإهمال أو الحروب والكوارث الطبيعية، لكن اختراع المطبعة أحدث ثورة في صناعة الكتب، وتغيرت -تبعًا لذلك- عادات القراءة.

اليوم في القرن الـ21 نشهد ثورة أخرى من هذا القبيل بفضل التكنولوجيا الرقمية. ومثلما فعلت المطبعة فإن التكنولوجيا الحديثة -مثل الإنترنت والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة القراءة الإلكترونية- تعيد تشكيل عادات القراءة والتعلم مرة أخرى.

أرقام صادمة

في عام 2016 قالت المؤسسة الوطنية للفنون في أميركا إن نسبة البالغين الأميركيين الذين يقرؤون رواية واحدة على الأقل في العام انخفض من 56.9% عام 1982 إلى 43.1% عام 2015، حسب مقال للأكاديمية بجامعة كوينزلاند الأسترالية جوديث سيبوير.

وتنقل جوديث في مقالها المنشور بموقع كونفيرزيشن الأسترالي إحصاءً أميركيا يعود إلى عام 2018، ويفيد بأنه في عام 1980 كان 60% من طلاب المدارس الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا يقرؤون كتابًا أو صحيفة أو مجلة كل يوم غير دراسي، وبحلول عام 2016 انخفض العدد إلى 16%.

وأفاد طلاب الصف الـ12 -الذين أجري عليهم الاستطلاع- بأنهم يقضون ست ساعات يوميًّا في الرسائل النصّية، ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت.

وترى خبيرة محو الأمية الأميركية وعالمة الأعصاب ماريان وولف أن تهديد الشاشات لقدراتنا في القراءة يضرّ العمليات الإدراكية المتأنّية مثل التفكير النقدي، والتفكير المستقل، والخيال، والتعاطف، وهي عمليات تشكل جزءًا مهمًّا من عملية القراءة العميقة.

مسارات الطفولة

وتعد القراءة مهارة مكتسبة تتطلب تطوير شبكات عصبية معينة، ويشجّع اختلاف منصّات القراءة وتعدّدها على تطوير تلك الشبكات.

وفي المقابل، ينغمس الأطفال الذين يقرؤون من الشاشات في متعة مرتبطة بالنقر والإشباع الفوري لرغبة التصفح المستمر، ويكتسبون مهارات ذهنية مبكرة في التصفح والبحث عن المعلومات وتحليل البيانات.

لكن وولف تعتبر أن هذا النوع من التصفح السريع يمكن أن يحدّ من تطوّر عمليات الفهم والإدراك التي تسهم في تكوين مَلَكات القراءة والتفكير العميق.

وتضيف أنه إذا لم تُطَوَّر المهارات المعرفية اللازمة للقراءة العميقة، فإن الأجيال الجديدة الذين يتشتت انتباههم بسبب سهولة الوصول إلى المعلومات الرقمية، ربّما لا تتعلم أبعد من القراءة الإلكترونية السريعة. وتنصح وولف بتعلم القراءة عبر الكتابات الورقية، لكنها لا توصي بمنع استخدام الأطفال الأجهزة؛ حيث تقول “يجب علينا إيقاف تشغيلها بشكل منتظم، وتوفير الوقت لقراءة الكتب الورقية مع الأطفال”.

 إيقاف الأجهزة

وأسهمت الكاتبة في مشروع لمساعدة طلاب التعليم العالي على تطوير مهارة القراءة، ضمن مشروع حكومي في الجامعات الأميركية بين عامي 2011 و2013 لتعزيز ما أطلق عليه “مرونة القراءة”.

وتسعى الفكرة لتحفيز الطلاب على جعل القراءة أولوية تشبه الاستعداد للامتحان أو كتابة مقال، مما يجعلهم يستثمرون الوقت لمزيد من القراءة المتعمقة.

وتعمل المبادرة كذلك على تشجيع الطلاب على التفكير الناقد أثناء القراءة، والاستمرار فيها حتى عندما تبدو اللغة غير مفهومة بشكل جيد، وكذلك عندما تصدر عن هواتفهم إشعارات رسائل ومكالمات جديدة.

وتقول الكاتبة “لقد جربوا -ببساطة- إيقاف تشغيل أجهزتهم ساعتين أثناء القيام بالقراءة، وبالفعل نجحوا في مواصلة القراءة”، وتضاعف عدد الطلاب الذين أكملوا جميع النصوص المعروضة عليهم عبر استخدام “القراءة المرنة” ومنع استخدام الهواتف الذكية.

وتقول الكاتبة إنه “يمكننا أيضًا إيقاف تشغيل أجهزتنا وتخصيص مساحة ووقت لتنشيط المسارات العصبية التي جعلتنا سابقًا قرّاءً شغوفين”. وتؤكد أن مهارات القراءة العميقة التي تنطوي على عمليات إدراكية أبطأ، تعد ضرورية للحياة التأملية.

وترى أنه من المتوقع أن يكون من يقرؤون قراءة عميقة أكثر تفكيرًا في أحوال المجتمع لإصلاحه.

المصدر:”مواقع إلكترونية”

Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share