Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

محاضرة اليوم السادس والعشرين من رمضان للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

محاضرة اليوم السادس والعشرين من رمضان 1444هـ لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (إستخدام نعمة النطق والبيان في الجوانب الإيمانية).

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛

في الحديث عن نعمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الكبيرة على الإنسان: نعمة النطق باللسان، ويتبع ذلك الكتابة، وأهمية هذه النعمة بالنسبة للإنسان في حياته بشكلٍ واسعٍ جدًّا، وفي مختلف مجالات الحياة، تبيّن لنا أن بإمكان الإنسان أن يستفيد من هذه النعمة في دينه ودنياه، عندما يشكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويحسن استخدام هذه النعمة، فيما يفيده، فيما ينفعه، فهي ذات أهمية كبيرة، وأثر كبير، ويمكن أن يكون ذلك سببًا لينال الخير العظيم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في ذكره لله، في كلمة الحق، في الكلمة الطيبة، وفي مجالات الحياة، عندما يستخدم هذه النعمة بشكلٍ سليم، سليم من كل المحرمات، من كل أشكال سوء الاستخدام، التي لها تأثيرات سيئة على نفسه، وعلى الناس من حوله، وعلى واقع الحياة، ويتحمل بها الإثم والوزر والعياذ بالله.

والإنسان:

– إمَّا أن يكون شاكرًا- كما قلنا- ويحسن استخدام هذه النعمة، ويستفيد من ذلك، ويُعَبِّر ذلك عن إيمانه، عن أخلاقه، عن طيب نفسه، عن نظافة قلبه، عن صلاح مشاعره وسريرته.

– وإمَّا أن يسيء استخدام هذه النعمة، وهذا- كما يقال في الشعر والمثل: وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح- يُعَبِّر عن خبث نفسه، عن سوء سريرته وباطنه، عندما يكون سيء اللسان، سيء النطق، سيء التعبير، يؤيد الباطل، يكذب، يفتري على الله، وعلى عباده، يسيء إلى الناس بغير حق، يتناول أعراضهم، ويتكلم فيهم بالبهتان والسوء، ينتقص منهم، وهكذا بقية أشكال الاستخدام السيئ.

مجالات الاستخدام السيئ هي كثيرةٌ جدًّا، والسيئون من البشر هم أكثر الناس استخدامًا لها:

بدءًا بفئة الكافرين والمشركين:

الذين يتجهون في هذه الحياة بعيدًا عن منهج الله، عن تعليمات الله، ويتنكرون لنعم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كل نعمه، وفي نفس الوقت يغويهم الشيطان، يرتبطون بالشيطان، ويؤثِّر عليهم، فيدفع بهم لتوظيف وتشغيل كل قدراتهم، وما منحهم الله إياه، بما هو كفرانٌ لنعمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

ولذلك ففي جبهة الكفر، ولدى الكافرين والمنحرفين عن منهج الله الحق، فهم يستخدمون هذه النعمة، التي هي هبةٌ من الله، أنعم بها على البشر، يستخدمونها بدءًا بالإساءة إلى الله، إلى المنعم الكريم، إلى الرب الرحيم، ذو الفضل العظيم، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، المقدس، المنزه، الذي {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الحشر: من الآية24]، بلسان الحال، وبلسان المقال.

وتحدث القرآن الكريم عن إساءة الكافرين، والضالين، بمختلف فئاتهم، إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في عقائدهم، وما يُعَبِّرون عنه، ما يُعَبِّرون به عن تلك العقائد، من مقولاتهم، وكلماتهم المسيئة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إلى جلاله، إلى كماله، إلى عظمته، إلى قدسيته، فتحدَّث حديثًا واسعًا جدًّا، في القرآن الكريم، ليس هناك وقتٌ متِسعٌ للحديث عن تفاصيل ما قالوه، الإنسان من خلال تلاوة القرآن الكريم يعرف الكثير، ويقرأ الكثير، مما ذكره الله من مقولاتهم السيئة، والرد عليها، وتفنيدها، وإبطالها، توضيح بطلانها، وتوضيح سوئها، فهم أساءوا إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو مُقدَّسٌ {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً}[الإسراء: الآية43]؛ ولذلك يعتبر التسبيح لله كمبدأ من أهم المبادئ، وكذكر من أهم الأذكار.

وكذلك أيضًا في القرآن الكريم، نجد الحديث على المستوى التفصيلي، في إساءتهم إلى الله:

– في تشبيههم لله بخلقه.

– في نسبتهم الولد إلى الله.

– في نسبتهم مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” شركاءَ في الألوهية، والربوبية.

وتفاصيل كثيرة.

وكان من أفظع ما نسبوه إلى الله: اتخاذ الولد، هذه عقيدة ومقولة كفرية، أساءوا بها إلى الله، واشترك فيها المشركون الوثنيون، واليهود والنصارى؛ ولذلك قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، من مهمة الرسول والقرآن في الإنذار: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف: 4-5]، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}، كلمة شنيعة للغاية، كبيرة جدًّا، فيها افتراء كبير، وبهتان عظيم، وإساءة كبيرة، وباطل رهيب جدًّا، ولذلك فهم تجاوزوا بها الحق، وأساءوا بها عظيم الإساءة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا}[مريم: 88-89]، منكرًا فظيعًا للغاية، رهيبًا جدًّا!! {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}[مريم: 90-92].

وكم، كم هي المقولات الكثيرة، من قِبَل فئات الكفر والشرك، وكل فئات الضلال، التي أساءوا بها إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إلى كماله العظيم، وشبهوه بخلقه، وأساءوا إليه عظيم الإساءة، ولهذه الدرجة: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا}!!

بعض المقولات والكلمات، هي كلمة، لكنها في سوئها، وفظاعتها، وقبحها، وما فيها من الباطل، تكاد أن تنهدّ منها الجبال، وأن تنشق الأرض، وأن تتفطر السماوات، يعني: لاحظوا، ما أخطر الكلمات السيئة، ما أخطر أن يجازف الإنسان بكلامه بأي شكلٍ من الأشكال، بدون مبالاة، بدون تنبه!

– مقولاتهم بشأن البعث والمعاد.

– مقولاتهم في الدعاية على الأنبياء، أنبياء الله، ورسل الله، كم أساءوا إليهم، بقبيح الإساءات، يقولون: [ساحر، مجنون، شاعر، كذاب، إلى غير ذلك]، دعايات كثيرة.

– مقولاتهم عن الملائكة.

– مقولاتهم في التكذيب بكتب الله تعالى.

– مقولاتهم في الصد عن سبيل الله، كثيرةٌ جدًّا، تحدث عنها القرآن الكريم.

فكان جزءٌ واسع وكبير، من عظيم ما هم عليه من الباطل، من سوء ما هم عليه، من كفرهم وضلالهم، فيما يقولونه، فيما يُعَبِّرون عنه، فيما يتكلمون به، جزء كبير من ضلالهم، من كفرهم، من باطلهم، من سوئهم، من قبيح أعمالهم، هو كلام، كلام كثير يتكلمون به، لكنه يسيء إلى الله، إلى أنبيائه، إلى رسله، إلى كتبه، إلى دينه، إلى عباده المؤمنين، يسعون من خلاله إلى الصد عن سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

وجزءٌ أيضًا من حربهم، حربهم ضد الرسالة الإلهية، ضد أنبياء الله، ضد عباد الله المؤمنين، جزء كبير من حربهم: هو كلام، كلمات، تعبيرات، كتابات، مقالات، يحاربون بها دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

يقول الله عنهم: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}[غافر: الآية5]، كانوا يُكِّذبون الرسل، والأنبياء، والرسالة الإلهية، والمبادئ الإلهية التي يأتي بها الرسل والأنبياء، كانوا يُكِّذبون بها:

– مبدأ التوحيد.

– مبدأ المعاد.

وغير ذلك من المبادئ المهمة والعظيمة.

وكانوا يجادلون بالباطل، جدال يستندون فيه إلى شُبَه باطلة، إلى كلام باطل، ليس مستندًا حقيقيًا لهم، ويحاولون من خلاله أن يُسقطوا الحق، وأن يبطلوا الحق، {لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}، أجيال، وأمم، وأقوام، وهلكت في الأخير، أخذها الله بعقابه، وأخذها بالهلاك، {فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.

جبهة من جبهات الكفر والضلال والباطل: هي جبهة الكافرين من أهل الكتاب:

جبهة كبيرة من الكافرين (اليهود، والنصارى)، وتحركهم في الباطل، في محاربة الحق، في العمل لإضلال عباد الله، أيضًا جزء كبير من نشاطهم، من كفرهم، من باطلهم، من ضلالهم، من فسادهم، من سوء ما يعملون، هو بالكلام، والكتابة، والتحريف، والتزييف، فهم عملوا على لَبْس الحق بالباطل، وشُغلُهم في هذا المجال هو ماذا؟ (كلام، وكتابة): نشاط بالكلام، بالتثقيف، بالإعلام، بالدعاية، بألسنتهم، بأفواههم، وكتمان الحق، ونشر الضلال، وإطلاق الدعايات الباطلة، والسعي لإطفاء نور الله، كما قال عنهم: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[التوبة: من الآية32]، دعايات، افتراءات، تزييف للحقائق، نشر للشُبَه، وحملات دعائية متنوعة وكثيرة، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[الصف: من الآية8]، وأيضًا قال: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}.

وكذلك في إساءاتهم، كذلك الكافرون من أهل الكتاب هم من أكثر البشر إساءة إلى الله، إساءات كبيرة جدًّا إلى الله، إساءات بلغت إلى درجة الشرك، والكفر، وفظيع الإساءة إلى الله.

من أقوال اليهود: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة: من الآية64]، إساءة كبيرة جدًّا إلى الله، يتهمونه بالبخل.

قالوا أيضًا فيما ذكره في القرآن عنهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: من الآية181].

نسبوا إليه اتخاذ الولد، أكاذيب، وافتراءات، وإساءات كبيرة، تكلموا على الله بالكثير من الكلام السيئ، وإلى رسله وأنبيائه كثيرًا كثيرًا، والافتراء على الله، {يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}، ويقولون أيضًا، {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

في جرائم التحريف في التزييف، قال عنهم أيضًا في نسبة اتخاذ الولد: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ}[التوبة: من الآية30]، يقول عنهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[آل عمران: الآية71]، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا}[آل عمران: من الآية99].

ووظفوا خبرتهم ومهارتهم، في مسألة لبس الحق بالباطل، في التزييف للحقائق: في الحرب ضد الإسلام، ضد الحق، ضد المبادئ الإلهية، وهم من أكثر البشر نشاطًا في هذا الجانب، في العمل الدعائي والإعلامي، والتزييف، من خلال الجوانب الفكرية، والثقافية، ومن أسوأ البشر في عظيم إساءاتهم إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مقولاتهم، في كتاباتهم، في نشاطهم للتضليل، لإضلال عباد الله.

من الفئات التي أيضًا حذت حذو الكافرين، وحذو أهل الكتاب، في سوء الاستخدام لنعمة النطق والبيان، وفي توظيفها واستعمالها التوظيف والاستعمال السيئ:

– في خدمة الباطل.

– في الصد عن سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

– في الإساءة إلى الله وإلى أنبيائه ودينه.

– في العمل على التأثير السيئ، على نفوس المجتمع المسلم.

– في إثارة الفتن بين أوساط المسلمين.

– في خدمة أعداء الإسلام والمسلمين، وإخضاع الأمة لهم، وخلخلة صفها من الداخل.

-في الاستهداف للمؤمنين والصالحين من أبناء المجتمع.

فئة المنافقين: وهي من أسوأ البشر- أيضًا- استخدامًا لهذه النعمة بشكلٍ سيء، وكفرانًا لهذه النعمة، وتنكرًا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في عظيم ما أنعم به من هذه النعمة.

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ}[التوبة: من الآية67]، يتعاونون بأشكالهم، وفئاتهم؛ لأنهم فئات، ودوافعهم للنفاق متنوعة، ولكن اتجاههم في الأخير اتجاه واحد، على المستوى العملي.

{بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ}[التوبة: من الآية67]، فلديهم نشاط واسع في الساحة، بألسنتهم، بمقولاتهم، بكتاباتهم، يحاولون أن يدفعوا الناس إلى ما هو منكر:

– مخالف لتعليمات الله.

– مخالف لمنهج الله.

– مخالف لأوامر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

– خروج عن صراط الله المستقيم.

{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}[التوبة: من الآية 67]، المعروف في دائرته الواسعة:

– فيما هو حق.

– فيما هو مطابق لتوجيهات الله.

– فيما أمر الله به.

– فيما وجَّه إليه.

– فيما حث عليه.

فهم يحاولون أن ينهوا الناس عنه، وأن يصدوهم عنه، وأن يخذّلوهم عنه، وأن يثبطوهم عنه.

يقول عنهم في صدهم عن سبيل الله، حتى باستخدام الأيمان الفاجرة: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[المنافقون: من الآية 2]، يعني: يوظفون حتى الأيمان الفاجرة، {يَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[المجادلة: من الآية14] ، يقول عنهم: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}[البقرة: من الآية 10]؛ لأنهم يكثرون من الأكاذيب، دعايات كاذبة، ويحاولون أيضًا أن يدفعوا الناس إلى الباطل، بأساليب كاذبة، بأكاذيب كثيرة، يستخدمون الكذب بشكل كبير جدًّا، يثبطون: عن الإنفاق في سبيل الله، عن الجهاد في سبيل الله، عن الموقف من أعداء الله، عن أعمال الخير، التي يَصلُح بها واقع المجتمع، عن الأعمال المهمة، التي تستقيم بها حياة المجتمع، على أساسٍ من نهج الله وتعليماته.

فنشاطهم هم في الارجاف، والتهويل، والتثبيط، والتخذيل، وإثارة الفتن بين أوساط المجتمع، نشاط واسع جدًّا، وتحدث القرآن الكريم عنه كثيرًا: (في سورة التوبة، وفي سورة البقرة، وفي غيرها)، في سور كثيرة من القرآن، (وفي سورة المنافقون)، والسور كثيرة، حديثٌ واسعٌ جدًّا.

فئة الضلال أيضًا، فئة المضلين:

الذين يعتمدون على التزييف للحقائق، على الافتراء على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيما ينسبونه إليه من دينه، على تقديم الشُبَه، التي يؤثرون بها على من ليس عندهم معرفة صحيحة، وفهم صحيح؛ ليُضلُّوه، أيضًا هم من تلك الفئات، وهم:

– البعض منهم من فئة الوثنيين، والكافرين، والملحدين.

– والبعض منهم من فئة أهل الكتاب.

– والبعض من حركة النفاق.

من مختلف الفئات، فئات الضلال هي فئات كثيرة، يجمعها جميعًا عنوان: أولياء الشيطان.

أتى أيضًا التحذير للمؤمنين، من سوء الاستخدام لهذه النعمة:

حتى لا يتورطوا، كما تورط غيرهم من بقية الفئات، كما تورط المنافقون، والكافرون، وأهل الكتاب، وكل تلك الفئات المنحرفة عن منهج الله الحق، أتى التحذير للمؤمنين من سوء استخدام هذه النعمة؛ لأن الاستخدام السيء لهذه النعمة، يُعَبِّر عن مساوئ كثيرة، وله أيضًا تأثيرات خطيرة جدًّا، الإنسان يجمع بين:

– إثم المخالفة لتوجيهات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، المعصية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تجاه أوامره، ونواهيه.

– وأيضًا يَظلِم، يرتكب ظُلمًا بسبب سوء الاستخدام لهذه النعمة.

– وأيضًا يفرِّق بين المجتمع، يثير الفرقة في أوساط الأمة.

والمؤمنون بحاجة إلى أن يكونوا مجتمعًا متآلفًا، متعاونًا، متآخيًا، متفاهمًا؛ لأن لديهم مسؤوليات جماعية:

– أن يجاهدوا في سبيل الله، هذه مسؤولية جماعية.

– أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، وهذه مسؤولية جماعية.

– أن يتعاونوا على البر والتقوى في نطاق واسع جدًّا، وهذه مسؤولية جماعية.

تحتاج إلى الألفة، إلى الأُخوَّة، إلى سلامة القلوب والصدور، إذا حصلت حالة الشحناء، الكراهية، الأحقاد، الصدور المجروحة من بعضهم البعض، يؤثر هذا على مدى تعاونهم، هم الذين أمرهم الله بالأُخوَّة، بالمحبة فيما بينهم، بأن يكونوا أذلةً على بعضهم البعض، بأن يكونوا {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: من الآية29]، فأتى التحذير في القرآن الكريم من كل ذلك.

نجد في القرآن الكريم التحذير الشديد من اليمين الفاجرة، يمين الغموس:

والإنسان لماذا قد يستخدم اليمين الفاجرة؟ لماذا قد يحلف على الكذب؟

– بسبب طمع، هذه في أغلب الأحوال البعض من الناس بسبب طمع، يريد أن يقتطع من حق الآخرين، من أموال الآخرين، يحركه الطمع إلى ذلك، وهذا وزر، وظلم، وإثم، ويجمع بين عدة جرائم، جرائم متعددة.

– البعض كذلك من أجل أن يُمَضِّي باطلًا، يحاول في قضايا معينة، أو مشاكل معينة، أو قضايا جنائية، أو غير ذلك.

لا يستخدم اليمين الفاجرة، والحلف والكذب، إلَّا لغاية سيئة، لغاية سيئة، فهو أمرٌ سيء، ويجر إلى أمور سيئة ومعاصي كبيرة، ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران: الآية77]، من كبائر الذنوب، التي تحبط كل أعمال الإنسان، كل أعمالك الصالحة، تحبطها تمامًا، ولا يقبل الله منك أي عمل، وفي نفس الوقت لها آثار سيئة على الإنسان، آثار رهيبة:

– تفسد نفسية الإنسان.

– يُسلَب التوفيق.

– يُسبب لنفسه مصيرًا سيئًا إلى نار جهنم.

في الحديث النبوي: ((أنها تغمس صاحبها في النار غمسًا، وتذر الديار من أهلها بلاقع))، حالة رهيبة!

– من الجرائم والمفاسد السيئة، التي تُعَبِّر عن سوء الاستخدام لنعمة النطق والبيان واللسان، وبشكل سيء، استخدام سيء للغاية: هي شهادة الزور:

– شهادة الزور أيضًا هي لغاية سيئة، لدعم باطل، لموقف سيء، لمصادرة حق، وعادة ما تكون في:

– قضايا وراءها أطماع، في أغلب الأحوال، في أغلب الأحوال.

– أو في قضايا وراءها مظالم، فينتج عنها ظلم.

في كل الأحوال، ينتج عنها، وتجر إلى مساوئ وجرائم أخرى؛ ولهذا يقول الله عن عباده المؤمنين في التزامهم الإيماني: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور}[الفرقان: من الآية72]، مسألة منافية تمامًا للإيمان، المؤمن لا يمكن أن يشهد الزور، مَن يشهد الزور، يكون قد خرج عن نطاق الالتزام الإيماني، أصبح إنسانًا فاجرًا، سيئًا، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}[الحج: من الآية30]، (قول الزور، وشهادة الزور) كلاهما محَّرم.

– أيضًا من سوء الاستخدام لهذه النعمة: هو الكذب:

الكذب من أسوأ ومداني الصفات، الإنسان الذي يعتاد على الكذب، ويتعمَّد الكذب، إنسانٌ دنيء النفس، دنيء النفس، لا يعتبر لنفسه، ولا يحرص على كرامة نفسه، ولا يعتبر لنفسه قدرًا.

والكذب درجات متفاوتة: من افتراء الكذب على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وافتراء الكذب على عباده، وفي القضايا الدينية، والقضايا المهمة، والقضايا الكبيرة، وصولًا إلى كل قضية ينتج عنها ظلم، أو فساد، أو سوء، أو تزييف لحقائق، أو مصادرة حق، أو إساءة إلى الآخرين، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}[النحل: الآية105]، وأيضًا ورد في الأثر: ((جانبوا الكذب فإنه مجانب للإيمان))، المؤمن يتحرى، يتحرى الصدق، ولا يتعمد الكذب، ويحرص على أن يقول الصدق.

– من مساوئ الاستخدام: هو البهتان:

عندما تتكلم في الآخرين بالبهتان، تنسب إليهم ما هم أبرياء منه، بدون وجه حق، بدون مستنَد، نسبتُك إليهم ما هم أبرياء منه يُعتبر بهتانًا، وكذبًا، وظلمًا، ووزرًا كبيرًا، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}[الأحزاب: الآية58]، وهذا يعتبر جريمة عظيمة جدًّا، وله آثار خطيرة على الإنسان، وعلى أعماله.

– من سوء الاستخدام لهذه النعمة: هو الهمز واللمز:

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}[الهمزة: الآية1]، يقول أيضًا: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ}[الحجرات: من الآية 11]، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في سياق الحديث عن مساوئ أعدائه، والمواصفات السيئة التي يتصف بها شرارهم والسيئون فيهم: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ}[القلم: الآية11]، همَّاز.

(الهمز، واللمز): كلاهما يتعلقان بالاستنقاص للناس، والكلام فيهم، والحديث بالمعائب عنهم، عندما تستهدف كرامة الإنسان، عرضه، تحاول الانتقاص منه، الحط من كرامته، الإساءة إلى شخصيته، فأنت تتكلم وتحاول أن تعيبه، فأنت تستهدفه في عرضه وكرامته، وهذه من الجرائم الرهيبة جدًّا، ومن أسوأ الذنوب التي تنتشر بين الناس بشكل عجيب، إلى درجة أن البعض يصبح (هُمَزَة)، ويصبح (لُمَزَة)، يصبح (همازًا لمازًا)، لماذا؟ لأنه يستمر على هذا الأسلوب، أصبح سلوكًا بالنسبة له، هو مستمرٌ عليه، كثير الطعن في أعراض الناس، كثير الكلام السيئ فيهم، فهو اعتاد على ذلك، واستمر عليه، وكلما اتسع نطاق نشاطه في ذلك، يدخل في ذلك أكاذيب، يدخل في ذلك إساءات بغير حق، بغير وجه حق، وفي الحديث النبوي: ((من أربى الربا الاستطالة في عرض مسلم بغير حق))، من أربى الربا، فيعتبر وزرًا عظيمًا، وذنبًا كبيرًا، محبطًا للأعمال، مسيئًا للإنسان، له آثار سيئة، في نشر الفرقة بين أوساط المجتمع.

في هذا الزمن، كثرت هذه الظاهرة، أصبحت ظاهرة بشكل كبير، وانتشرت في أوساط الناس، وأصبح الكثير يعتادها، إن كان في مقايل القات، فهو ذلك الذي يطلق لسانه في فلان، وفلان، وفلان، وأولئك، وأولئك، ينتقصهم، يعيبهم، يطعن في أعراضهم، يتكلم فيهم، يحط من كرامتهم؛ أمَّا في مواقع التواصل الاجتماعي فغلب عليها هذا النشاط، أصبح هو النشاط البارز- للأسف الشديد- بين أوساط من ينتمون للإسلام، من ينتمون للإسلام، أبرز نشاطهم هو (الهمز، واللمز).

ولذلك من الخسران الكبير أن يتحول الإنسان إلى همّاز لمّاز، تصبح هذه صفتك، أنت (همازٌ لماز)، لمّا كنت كثير الطعن في أعراض الناس، همُّك الأول، أكثر نشاطك، أكثر كتاباتك، أكثر تغريداتك، أكثر أقوالك: هي همز ولمز، فأنت (هُمَزَة لُمَزَة)، الويل لك من عذاب الله! الويل لك من نار جهنم، من الحُطَمَة! أنت كنت في هذه الدنيا تسعى إلى تحطيم مشاعر الآخرين، بالكلام السيء فيهم، بالكلام الجارح فيهم، بغير حق، بغير وجه حق، تحولت إلى مهنة لك، تحولت إلى سلوك تستمر عليه، ترتاح به، البعض يرتاح بذلك، والبعض موهوب في حدة اللسان، وموهوب في أن يورد العبارات الجارحة، يتخيرها، يعتني بها، الأساليب الجارحة، وهو بذلك يسيء إلى نفسه، ويحمِّل نفسه الوزر، والإثم، عندما يُلقى به في نار جهنم، {فِي الْحُطَمَةِ}[الهمزة: من الآية4]، التي ستحطمه بنيرانها المشتعلة، {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}[الهمزة: الآية7]، كما سعى إلى تحطيم مشاعر الآخرين، وكان كثير الإساءة إليهم.

البعض يتحول عنده هذا إلى سلوك يومي: إمَّا في كتاباته، إمَّا في مجالس ومقابل القات، إمَّا في حركته في الحياة، وهو راكب في الباص، في الشارع العام، وهو في السوق، وهو في المتجر، في البقالة، في أي مكان، عوَّد لسانه تلك العادة السيئة، الشنيعة، البشعة، التي تساعد أيضًا وتسبب إلى خبث النفس.

كلما خَبُثَ كلامُ الإنسان، خَبُثَتْ نفسُه أكثر، من أول التأثيرات السيئة لخبث اللسان وعدم نظافة اللسان: أنه يسبب خبث النفس، كلما خَبُث لسانك، خبثت نفسك، ارتد الأثر إلى الداخل، إلى قلبك إلى مشاعرك، إلى نفسك، كلما نظف لسانك، ساعد هذا على نظافة نفسك، وَعَبَّر عن أخلاقك الكريمة، عن قدرك الرفيع، عن ترفعك عن الأشياء السيئة، وتنزهك عن الأشياء السيئة.

الإنسان الذي يتحول لسانه إلى لسان بذيء، لسان قذر، لسان مسيء، لسان سيء، يتحول هذا إلى واقعه النفسي بشكلٍ عميق، بشكلٍ عميق، ويحط من كرامته هو، هو يسعى للحط من كرامة الآخرين، لكن بذيء اللسان، السيئ، العياب، الطعان، المستهتر بأعراض الناس، هو بنفسه يحط من كرامة نفسه، لا قدر له، لا كرامة له، الناس سينظرون إليه بهذه النظرة: أنه إنسان سيء، أنه إنسان دنيء، أنه إنسان لا كرامة له، لا أخلاق له، لا قدر له، هو أرخصَ نفسه بنفسه.

عندما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}[القلم: الآية11]، أوردها إلى جانب صفات كلها صفات كفر، وأعمال سيئة، وصفات قبيحة، في غاية القباحة؛ ليجعل من هذه الصفة رديفة لها، معها، من ضمنها، سلسلة من المواصفات السيئة.

عندما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا تَلْـمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}[الحجرات: من الآية11]، هو يبيّن أنك عندما تتكلم على أخيك المسلم، ابن مجتمعك المسلم، أنت تسيء إلى نفسك، أنت تسيء إلى أمةٍ أنت منها، هذا له آثار سيئة.

– من سوء الاستخدام: السخرية:

السخرية بالعبارات، أو الإشارات، لكن بالعبارات بالدرجة الأولى، يلحقها بقية الأساليب، التي تُعَبِّر عن تحقير واستخفاف بالآخرين، عبارات معينة، أو إساءات معينة، والله حذَّر من ذلك بشدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}[الحجرات: من الآية11].

– الغيبة أيضًا من أسوأ الظواهر الخطيرة جدًّا، المُعَبِّرة عن قلة الدين، قلة الالتزام الإيماني، خُبث النفس:

عندما تصبح طبيعة للبعض، ظاهرة وسلوك يستمر عليها، الله يقول: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: من الآية12]، تتكلم على الآخر في غيابه، بما تنتقص منه، بما تتعيَّبه به، بما تحاول أن تحط من كرامته ومنزلته في عيون الآخرين، فأنت تنتقصه، وتتكلم عنه بما تراه نقصًا فيه، فإذا كان حقيقةً فهي غيبة، وإذا كان غير صحيح فهو بهتان، ((الغيبة إدام كلاب أهل النار))، الغيبة سلوك سيئ جدًّا، يكفي هذا التشبيه: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا}، هل تحب لنفسك هذا؟ أن تأكل لحم مَن؟ لحم أخيك، لحم أخيك، تتجاوز حتى حرمة الأخوّة، {مَيْتًا}، وهو ميت، وأنت تأكله، كيف سيكون منظرك؟ بشعًا متوحشًا والعياذ بالله!

– النميمة أيضًا من السلوكيات السيئة، في الاستخدام السيئ للسان:

النميمة خطيرة جدًّا، والبعض يعتادها، بل تصبح بالنسبة له حرفة ومهنة، فهو ذلك الذي يحاول إذا سمع أي كلمة، مستفزة، أو مسيئة، من شخص تجاه آخر، أن يبادر بنقلها إليه، ليثير بينهما حالة الخلاف، والشقاق، والعداوة، والكراهية، والبغضاء، {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}[القلم: من الآية11]، هي أيضًا مما ورد في صفات شر خلق الله، شر خلق الله، الذين يحاولون أن يثيروا الفرقة بين الناس، النزاع، الصراع.

البعض بسعيه بالنميمة قد يسبب:

– جرائم قتل.

– أو فرقة كبيرة بين أبناء المجتمع.

– أو خراب لأعمال مهمة، كان أولئك سينطلقون للتعاون فيها، ففرق بينهم؛ بسبب سعيه بالنميمة.

بدلًا من أن يسعى بالنميمة، يمكنه أن يكلم ذلك الذي أساء، أو تكلم بكلمة جارحة، أو كلمة مستفزة، يقول: [يا أخي اتق الله، لا يجوز لك أن تتكلم، أن تغتاب أخاك المسلم، أن تقول هكذا]، بدلًا من أن يستخدم أسلوب النقل، الذي يترتب عليه استفزاز، ويترتب عليه مشاكل.

في الحديث النبوي: ((لا يدخل الجنة نمام))، لا يدخل الجنة، مصيره إلى جهنم؛ لأن النميمة من كبائر الذنوب، من فظائع المعاصي، التي تَحبَط معها صلاة الإنسان وبقية أعماله، ويدخل إلى النار، وفي الحديث أيضًا: ((لا يدخل الجنة قَتَّات))، والقتات: هو النمَّام.

فما أسوأ أن تتحول تلك الطريقة السيئة، إلى سلوك للإنسان! والبعض يعجبه ذلك، يعجبه ويرتاح، يرتاح عندما ينقل إلى ذاك كلمة، وإلى ذاك كلمة، ومن أولئك إلى أولئك، ويحاول أن يثير بينهم المشاكل.

– من الاستخدام السيء: النبز بالألقاب:

النبز بالألقاب: هو عندما تطلق على شخص اسمًا، أو عبارة معينة، عبارة سيئة مستفزة؛ لتجعل منها لقبًا له، يُطلَق عليه، فيُدعى به، وهو مسيءٌ إليه، ينتقص منه، يسيء إليه، يستفزه، يسيء إليه، هذا محرَّم، {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ناهيًا، محذرًا: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات: من الآية11].

كلها جرائم ظلم: التنابز بالألقاب، السخرية، اللمز، ما ورد النهي عنه في الآية القرآنية، يجب التوبة منه، والحذر منه، وإلَّا كان الإنسان في عداد مَن؟ في عداد الظالمين، اسأل القرآن: أين هو مصير الظالمين؟ أين مستقبلهم في الآخرة؟ هو جهنم والعياذ بالله، فالمسألة خطيرة جدًّا.

في مقايل الناس، ومجالسهم، ليحرص الناس على أن تكون نظيفة، سليمة من هذه الآفات، من هذه المعاصي؛ حتى لا تكون بُؤَر للمعاصي، لا تتحول إلى بؤر، يدخل الإنسان فيها، ويخرج وهو محمَّلٌ بما قال وبما سمع، هو يقول، يشارك بلسانه مع الآخرين، فهو ذلك الذي يهمز، ويلمز، ويسخر، ويغتاب، ويجمع كمًّا كبيرًا من تلك… ويكذب، ذنوب كثيرة، لا تنتهي جلسة التخزينة (في مقيل، أو مجلس معين) إلَّا وقد تحمَّل الأنواع الكثيرة من الذنوب، ساعة، أو عدة ساعات، ويخرج محمّلًا، محمّلًا بذنوب كبيرة وخطيرة، وكلها موبقة، مهلكة، من كبائر الذنوب، من مساوئ المعاصي، التي تسبب نار جهنم، تحبط الأعمال الصالحة، تحبط أجر صلاتك، أجر صيامك، أجر أعمالك، أو بما قال، وأيضًا بما سمع، يصبح أيضًا متحمّلًا للإثم بما سمع، أصبح سمَّاعًا للكذب، يسمع ويتفاعل، ويتقبّل، أصبح سماعًا للغيبة، سماعًا للنميمة، سماعًا للهمز واللمز، يتحمل أيضًا وزر بما قال، ووزر بما سمع، وأصغى، وتفاعل، وأظهر التفاعل مع الآخرين، بما يقولون من ذلك والعياذ بالله.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يحذِّر في جلسات الناس، وفي مقايلهم، وفي جلساتهم الخاصة: {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[المجادلة: من الآية 9].

في المقايل الأخرى، مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت هي ذات حضور أكثر من المقايل، بل أصبح الكثير من الناس حتى في مقايلهم يركزون أصلًا- وهم أثناء مجالسهم- على مواقع التواصل الاجتماعي، يجب أن يكون الإنسان حذرًا.

مواقع التواصل الاجتماعي هي بُؤَر للشائعات، والدعايات، أكبر مكان فيه الكثير من الكذب، يعني: أكبر أماكن الكذب، والزور، والبهتان، والأشياء غير الصحيحة، والدعايات الباطلة، كل هذه المعاصي هي موجودةٌ هناك بأكثر من أي مكانٍ آخر، أمر رهيب، وضع خطير للغاية على إيمان الإنسان ودينه، وصلاح نفسه، وزكاء نفسه، وكرم أخلاقه، بل وإنسانيته.

فالإنسان ليحذر، لا يكون سريع التفاعل مع الدعايات، أي دعاية، أول ما يطلقها شخص، بدأ يتفاعل معها، وبالذات إذا كان شخصًا موهوبًا، عنده مهارة في تقديم تلك الدعاية، بأسلوب مستفز، أسلوب ساخر، أسلوب مثير، فيبدأ الكثير بالإعجابات، والتفاعلات، والتعليقات، ويشاركونه في الإثم، والوزر، والزور، والهمز، واللمز، والباطل.

أحيانًا يدخل الإنسان في جرم التأييد للباطل، وهو من أكبر الجرائم، من أعظم الذنوب، باطل بأي شكل من الأشكال:

– باطل فيما يقدم باسم الدين كعقيدة، أو مفهوم.

– باطل في قضايا الناس، في الصراعات الكبرى، في القضايا الكبيرة.

– باطل في نزاعات الناس، حتى في نزاعاتهم الشخصية.

من يؤيد الباطل، يتحمل الوزر عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” والإثم، ويصبح شريكًا للآخرين، في موقفهم، في باطلهم، في جرمهم، في إثمهم، هذه قضية خطيرة على الإنسان، الله يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: الآية36]، أنت مسؤولٌ يوم القيامة عن: سمعك، وبصرك، وفؤادك، هذه وسائل أراد الله لك بها أن تكون متحققًا، متبينًا، متحريًا، متأكدًا، وأن تتحرى الحق والحقيقة من خلالها، فلا تكن مجازفًا، تتقبل أي شيء، تتفاعل مع أي شيء، تتبنى أي شيء، قضية خطيرة على الإنسان.

أسلوب التَلَقَّي للشائعات، والتفاعل معها هكذا، بدون تحرٍ، تبيُّن، تأكد، انتباه، يقول الله: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}[النور: من الآية15]، طريقة سيئة، بسرعة، تلقي سريع، من اللسان إلى اللسان، دون تبيُّن، كأنها لُعقَة، تلعقها بطرف لسانك.

{وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا}[النور: من الآية15]، وهذا مما يجرئُ الناس: أنهم يحسبون الأمور عادية، يتكلمون بأي كلام، وفي عرض أي إنسان، ويتبنون أي دعاية، ويتفاعلون مع أي شيء، خاصةً- كما قلت- إذا كانت من إنسان موهوب في السخرية، موهوب في النقد اللاذع، في الكلام الجارح، حاد اللسان، حاد العبارات، البعض يعجبون بهذا النوع من الناس.

{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ}[النور: من الآية15]، جرم عظيم، ذنب عظيم، إثمه كبير، عاقبته عليكم سيئة، عاقبته عليك أن تخسر أعمالك الصالحة، عاقبته عليك أن يكون مصيرك إلى جهنم، عندما تهلك أنت نفسك بنفسك، بلسانك، كم سيكون ندمُك يوم القيامة؟!

في مسألة هذا العصر، في هذا الزمن، في المسألة الإعلامية، والدعايات، دعايات في كل مكان:

– دعايات في الأسواق.

– دعايات في مواقع التواصل.

– دعايات في مختلف وسائل الإعلام.

– دعايات في المجالس.

– دعايات حتى وأنت تركب في السيارات، في الباص دعايات، في سيارات الأجرة دعايات.

أينما ذهبت الدعايات أمامك، ابنِ على قاعدة التبيُّن، التحري، التحقق، ثم موقفُك، ليكن الموقف الصحيح، موقف العدل، موقف الحق؛ لأن الدعايات- أحيانًا- حتى لو طَرحت قضية صحيحة، تصرُّف من شخص، أحيانًا يُستخدم هذا للتعميم على أمة، للتعميم على مجتمع بأكمله، للتعميم على توجُّه بأكمله، بهدف الإساءة؛ لأن كل شيء يوظَّف في حال الصراعات، الأمة في هذه المرحلة في صراعات ساخنة جدًّا، كل شيء يوظَّف توظيفًا عامًا، عامًا، عامًا، فليحذر الإنسان، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: الآية6]، مسألة التبين مسألة في غاية الأهمية في هذا العصر، والتحقق، والتثبت، وكذلك التركيز على الأمور المهمة، والاتجاهات الصحيحة.

في مسألة مواقع التواصل الاجتماعي، وتجاه موضوع الدعايات، وتجاه موضوع النشاط الإعلامي الواسع في هذا العصر، ليحرص الإنسان أن يكون له في البداية توجُّه صحيح، اهتمامات صحيحة، أولويات صحيحة، قضية صحيحة، لا يكون إنسان فوضويًا، منفلتًا، مرة يتفاعل هنا مع قضية معينة، يحولها قضية القرن الحادي والعشرين، يسيء إلى كل الناس من أجلها، يطلق أسوأ العبارات، وأقسى الأحكام من أجلها، وينسى كل القضايا المهمة، والقضايا الرئيسية، والتوجهات الصحيحة، ثم قضية هناك، كل يوم وهو في اتجاه، وكل يوم وهو في قضية معينة.

ليحرص الإنسان على أن تكون مسيرة حياته مبنية على أساس صحيح، يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ثم إذا كان هناك تصرفات، أو أخطاء، أو… يتعامل معها بحجمها، بقدرها، بمستواها، لا يعمِّم، لا يَبنِ على ذلك توجهات سيئة، مواقف سيئة، لا يجعل قضايا على حساب قضايا، يقف موقف العدل، الموقف الصحيح، الاتجاه الصحيح؛ لأن البعض يؤثر عليهم الحس الإعلامي، فيبعدون في كل شيء، يبعدون في كل شيء، يفارقون في كل شيء، يتجاوزون الحق والعدل في كل شيء، يفرطون ويبالغون، وهذه قضية واضحة جدًّا، البعض يحوِّل من إشكالية شخصية، يمكن معالجتها بالحق، والعدل، والإنصاف، وبطريقة عملية، إلى قضية يشتغل عليها في أوساط الرأي العام، ويتصور أن ذلك يكسبه عند الناس أهمية، ويستخدم هذا كأسلوب هواية، البعض هواة، والبعض عندهم أيضًا عقد نفسية، وحالة العقد والأحقاد إذا اجتمعت معها موهبة في حدة اللسان، أو حدة ومهارة الكتابة، يشتغل بطريقة سيئة جدًّا.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أرشدنا، وهدانا، وعلمنا في القرآن الكريم، تعليمًا عظيمًا مهمًا، حينما قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[فصلت: الآية70]:

– الإطار الأول: هو تقوى الله:

تقوى الله فيما تقول، اتق الله فيما تقول، لا تتجاوز الحق، لا تتجاوز العدل، لا تتسرع بتبني دعاية باطلة، وحتى الأشياء الحقيقية لا تتجاوز فيها على الحق والعدل، {اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.

– الإطار الثاني لما تقول: هو القول السديد:

القول الذي لا تخرج فيه عن حد الصواب، تتحرى الحقيقة، الطريقة الصحيحة لتقديم الموضوع، في إطار اهتماماتك الواسعة، قضاياك الكبرى، الأمور المهمة، التوجهات المهمة، ثم تحرص على أن يكون ما تقدمه بشكل صحيح، بشكل عملي، بشكل إيجابي، بشكل تصل فيه إلى نتيجة عملية، وليس بشكل مَن يسعى فقط إلى إثارة الفرقة، إثارة الخلاف، التهييج للناس على الفتن، على الفوضى، على الاتجاهات السلبية، التي تخدم الأعداء، والتي تريح الآخرين على شحن واقع المجتمع، بالكراهية، والبغضاء، والتذمر، والاستياء، والعُقَد، هذا توجه غير عملي، ولا صحيح، ولا ناصح، ولا ناصح، الاتجاه العمل اتجاه آخر، اتجاه من يريد أن يصلح، من يريد أن يعمل عملًا صالحًا، من يريد أن يقيم العدل، اتجاه عملي إيجابي، يثمر، يفيد، ينفع، وليس اتجاهًا سيئًا.

فيظهر لنا جميعًا، من خلال ما ورد في القرآن الكريم، وتحدثنا عن نماذج، عن بعضٍ من العناوين، الحديث عن هذا الموضوع في القرآن الكريم هو واسعٌ جدًّا:

– أهمية هذه النعمة.

– النتائج الإيجابية لحسن استخدامها.

– مساوئ الاستخدام لها، وما يترتب عن ذلك من نتائج سيئة.

نكتفي بهذا المقدار.

وَنَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَتَقبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَام، وَالقِيَام، وَصَالِحَ الأَعْمَال، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء،

وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه؛؛؛

Share

التصنيفات: أخبار وتقارير,عاجل

Share