فؤاد علي الدعيس
وجد الإعلام طريقه إلى جميع المجتمعات البشريَة باختلاف أزمنتها وأماكنها ومستوياتها المعرفية، والإنسان على مر العصور مثلما هو بحاجة ماسة للمأكل والمشرب والمأوى فهو بحاجة ماسة إلى التعرف على ما حوله من موجودات مختلفة، والتأقلم معها والاستفادة منها والعمل للارتقاء للأفضل، لذا يمكننا القول بأن الإعلام لم يكن يوما وليد عصر أو أمة أو حضارة أو ثقافة، بل كان ولا يزال حاجة إنسانية بحتة، ولا يمكن للإنسان أن يستغني عنه يوما ما، وكل الأُمم على مر العصور اعتبرت الإعلام من صمامات الأمان لديها، تحافظ من خلاله على كيانها ووجودها وتحميه من الزوال، فهو كالحصن المنيع لأفكار الأمة ومبادئها والحائل دون الاختراق الخارجي والغزو الفكريِ لها، وأطلق على عصرنا الحالي اسم (عصر الإعلام) لیس لأن الإعلام اكتشاف جديد لم يكن موجود من قبل، بل لعظم دوره وإمكانياته والتي بلغت درجات كبيرة في التأثير والتوجيه لكل المجتمعات والشعوب، وأصبح الاعلام يمثل الاستعمار الجديد الذي يحتل الشعوب بدل الاستعمار القديم والذي كان يحتل بلدان العالم بقوة السلاح، واصبح الاعلام يؤثر على الوجدان والعقول بشتى الوسائل والأفكار، وأصبح يغزونا من خلال الرسوم الكرتونية والمسلسلات والأفلام والاخبار، وأصبح الاعلام يمثل مرآة عاكسة لصورة حياتنا، ومن خلاله تم نشر كل ما وصل اليه العلماء والمثقفون والادباء والمفكرون من أبحاث وتجارب واختراعات واكتشافات، ومن خلاله يتم تبادل وجهات النظر والأفكار، اي اصبح الاعلام هو من ينشر الثقافة والمعرفة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت المسيطرة على كل شؤون حياتنا، وعلى رأس تلك المنصات يأتي موقع الفيس بوك وموقع توتير والعديد من المواقع الإخبارية الأخرى، والتي أصبحت تعمل على نقل جميع الأخبار والأحداث لحظة وقوعها، وهكذا تحول العالم الى قرية صغيرة جدا يستطيع كل فرد ان يتعرف على كل أخبار العالم بشكل فوري متجاوز كل المسافات والثقافات، أي أن الإعلام رافق الإنسان وحافظ على كيانه في كل زمان ومكان، بوسائل تنسجم مع طبيعة وقدرات المجتمع الذي عاصره، إلا أنه ازدهر في القرون الأخيرة ازدهارا ملحوظا، حيث تحول الإعلام فيها من الإعلام البدائي البسيط إلى الإعلام المتحضر المؤثر، ومن الإعلام المساند للقرارات الصادرة من قبل السلطات إلى الإعلام المؤثِر على إصدار القرارات من خلال الضغط على السلطات والحكومات وإجبارها على ذلك، وتحول إلى الإعلام الموجه للجماهير المستقبلة له بفعل القدرات العجيبة التي يمتلكها، ومن إعلام محدود بحدود محددة إلى إعلام عالمي لا تقدر الحدود على إعاقة مسيرته ومخاطبته لشعوب العالم أجمع، كل هذا بفعل التقدم التكنولوجي الهائل في الوسائل والأساليب والتَّقنيات الحديثة.
وسائل جديدة
الأعلام اليوم هو عباره عن كل الوسائل الجديدة التي تعمل على أساسها العملية الإعلامية الاتصالية، والتي تعتمد على شبكة الانترنت، والتطور في التقنيات، وهي متغيرة باستمرار، وتشمل هذه الوسائط مواقع إخبارية وإلكترونية ومدونات وتسجيل صوتي وفيديو مصور وبريد إلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي، وغيرها العديد من الوسائط الجديدة التي تعتمد في عملها على الوسائط التقنية المتعددة، وأصبح الاعلام يعتمد على استخدام أجهزة التقنية الحديثة مثل الكمبيوتر والهواتف الذكية، ومن خلالها يتم تعبئة المجتمعات بالمعلومات والأفكار، حتى أصبح يوصف الإعلام بأنه العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاثة عناصر هي الكمبيوتر والشبكات والوسائل المتعددة، وأصبح يطلق على وسائل الإعلام اسم ميديا “media” وتشمل المقروء والمرئي والمسموع من صحف ومجلات ونشرات إعلاميّة وتلفاز ومذياع إلى جانب المواقع الإلكترونيّة، وصار كل فرد يخصص للميديا وقت معين بشكل يومي لمتابعتها، لكي يضل متفاعل مع المجتمع حوله، ويعد الاعلام من أهم المجالات التي تساهم بقدر كبير جدا في التأثير ونشر الوعي والمعرفة ونقل الأخبار المحلية والعالمية في العالم اجمع.
مراحل تطور الاعلام
كانت وسائل الإعلام في الماضي مقتصرة على تناقل القصائد والأبيات الشعرية والروايات عبر الألسن، بعد ذلك تم استخدام الأوراق والكتابات الورقية، ثم ظهرت وسائل الإعلام المقروءة مثل الصحف والمجلات، ومع ازدياد التقدم أصبح الاعتماد على الإذاعات لمعرفة كل الأخبار، إلى أن ظهر التلفزيون وأصبح الوسيلة الإعلامية الهامة والأساسية في كافة المنازل على مستوى العالم، ولم يتوقف التقدم والتطور التكنولوجي الإعلامي عند هذا الحد، حتى وصلنا الى ان اصبحت وسائل الإعلام مثل فيسبوك وتويتر وغيرها تعتبر من أهم المنصات الإعلامية متابعة وتأثير على مستوى الكرة الارضية، للتعبير عن الآراء والحريات ومن خلالها يتم التغيير، وأصبحت تمثل صوتاً لمن لا صوت له، وسنحاول المرور على جميع المراحل بشكل سريع، فالإعلام في العصور القديمة والبدائية، بدأ مسيرته في المجتمعات بالاعتماد على الوسائل الفطرية البسيطة المتمثلة في القول والاستماع، حيث كانت محادثة الناس مع بعضهم أول شكل من أشكال الإعلام، وكانت وسائل الإعلام وقتئذ لا تتجاوز الفم والأُذن، ثم تطورت الوسائل إلى دق الطبول، والمزامير، وإشعال النيران في المرتفعات، والمناداة في الساحات العامة، وكان للإعلام في المجتمعات البدائية القديمة عدة صور، من أبرزها المراقب والذي يتولَى عملية المراقبة من فوق قمم الجبال لإنذار عشيرته أو قبيلته بالأخطار المقبلة أو الكوارث التي توشك أن تلحق بهم، وبصورة الحكيم المشير، وكان من أكبر رجال القبيلة سنا وأكثرهم خبرة وأغزرهم معرفة بحوادث الأيام ومغازيها، وبصورة المعلم المربي الذي يتم اختياره من بين أكثر أفراد القبيلة علماً لكي يقوم بتربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية الصالحة، وبصورة متمثلة في محاولات الحكام في التَّأثير على أتباعهم عن طريق تزويدهم بما يحببهم فيهم، والمحافظة على استتباب الحكم الداخلي ونشر السلام، وبصورة متمثلة في تبليغ المنشورات والأوامر التي كان يصدرها الحاكم أو السلطان، وأخيراً في صورة القاصِ الذي يربِي النفوس ويروح عنها بالقصَة التي كانت وسيلة الترفيه، وتولاها الرواة الذين كانوا يحكون القصص الشعبية والأساطير وغيرها، ننتقل الى الاعلام عند اليونان فكان من خلال الخطابة، أما الاعلام عند الرومان فكان من خلال انتشار الإعلام الرِياضي والتركيز عليه كوسيلة لصرف أنظار الشعب عن المشكلات الحكوميِة، وتوجيه اهتمامه إلى الأخبار الخاصة بالرِياضة على اختلاف أشكالها، فكان الجمهور الروماني يحتشد في الساحات العامة لمشاهدة الأبطال الرياضيِين والمصارعين، كما كان يحضر الحفلات التي تقام لمصارعة الحيوانات المفترسة،
أما الاعلام عند الفراعنة فقد اتخذ أشكالا عدة من أبرزها الاحتفالات الدينية التي تقدم فيها عظات، ومسرحيات، ورقصات وإخباريات، تستقطب اهتمام النَّاس، والاعلام في أرض الرافدين، فكان من خلال الارشادات والنشرات والقوانيين كقوانيين حمورابي، ننتقل إلى آخر مرحلة وهي الإعلام في العصر الحديث، ويتمثل في وسائل الإعلام الجديد والتي انتشرت بشكل واسع النطاق في الجزء الأخير من القرن العشرين ليشمل دمج وسائل الإعلام التقليدية مثل الأفلام والصور والموسيقى والكلمة المنطوقة والمطبوعة، مع القدرة التفاعلية للكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصالات، وتطبيقات الثورة العلمية التي شهدها مجال الاتصال والإعلام، وساهمت الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال في التغلب على الحيز الجغرافي والحدود السياسية، والتي أحدثت تغيير بنيوي في نوعية الكم والكيف في وسائل الإعلام، وتعد ثورة المعلومات التي يعيشها العالم اليوم، هى أحد أهم مراحل التطور التاريخي الكبرى في تاريخ الإنسانية، و من أهم نتائج هذه الثورة المعلوماتية التغيرات الكبرى التي حدثت في الصناعة الإعلامية، وأنماط استهلاك المعلومات، وإنتاجها، ونشرها، والتشارك في مضامينها، وتم تسميته بالإعلام الجديد الذي يقوم على تدفق المعلومات عبر شبكة الانترنت والهاتف الجوال، ويعد هو العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاثة عناصر هي الكمبيوتر والشبكات والوسائل المتعددة، وتعتمد وسائل الإعلام على الحاسب الآلي في إنتاج وتخزين وتوزيع المعلومات، ومن خصائص الاعلام الجديد، التفاعلية والتنوع واللاتزامنية والكونية والتكامل واندماج الوسائط وقابلية والتحويل والتوصيل وتجاوز الحدود الثقافية والانتباه والتركيز وعالمية الوصول، ومن وسائل الاعلام الجديد، مواقع الشبكات الاجتماعية وظهرت في عام 1997م، مثل تويتر وفيسبوك، والمدونات والبودكاست و المنتديات ومجتمعات المحتوي وموقع اليوتيوب.
تأثره بالتقدم التكنولوجي
الإعلام ذو علاقة وظيفية تبادلية فهو يتأثر ويؤثر، يتأثر بالتقدم التكنولوجي وبصورة كبيرة جدا، ويؤثر على مجمل نواحي حياتنا وتفاصيلها، بل اصبح يشكل جزء منها، وهو مجال دائم التغير، ويزداد تأثره وتأثيره بشكل كبير على مر السنين، وهناك علاقة قوية تربط ما بين التقدم التكنولوجي والإعلام، ويقصد بالتقدم التكنولوجي الإعلامي هو التطوير الذي حدث لعملية ارسال واستقبال المعلومة وكذا لعملية تخزينها، ووصل ذروته حتى استطاع عمل استفتاءات على الجمهور لمعرفة رغباتهم واحتياجاتهم، وكل ذلك لم يعد خيال بل أصبح واقع معاش بالفعل في الدول المتقدمة، وعليه فقد اثرت التقنيات الحديثة المستخدمة في الوسائل الإعلامية في العديد من المفاهيم المتعلقة بالمعلومات والمحتويات الإعلامية، والقطاع الإعلامي بكافة أقسامه تأثر بالوسائل التقنية التي يتم استحداثها ما بين فترة وأخرى، حيث ساهمت في إحداث نقلة نوعية في الطرق والأساليب التي تتناول الأخبار الإعلامية بكافة أشكالها، وبالتالي ارتبط تطور التكنولوجيا الحديثة بكثرة استخدام الوسائل الإعلامية لها، حيث لعب جهاز الحاسب الآلي دور كبير في توثيق ودراسة وتخزين المعلومات، وأصبح الإعلام يلعب دور الوسيط لنقل المعلومات ما بين مختلف المؤسسات الإعلامية والأفراد، والتقدم التكنولوجي اوجد شكلا إعلاميا جديدا، یختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامية القديمة، واستطاع ان يؤثر على التطور التاريخي والمعرفي لكل شعوب العالم ووضع بصمتة الخاصة واستطاع ان يلغي العديد من المفاهيم والنظريات التي كانت هي السائدة والمسيطرة لقرون من الزمن، وانشأ مفاهيم جديده للتواصل الاعلامي بجميع صورها، واسهم من خلال منصات التواصل الاجتماعي في التأثير على حياتنا، فمنصات التواصل الإجتماعي تعتبر حاليا ضرورة من ضروريات الحياة ومن خلالها نستطيع التواصل والتعلم والبحث عن المعلومات وتعلم طرق البحث العلمي، وسهلت من عمليات التواصل مع كافة الأطراف عبر العالم، ولعبت دور كبير في التعرف على كافة الثقافات لشعوب العالم وتعلم اللغات المتعددة، أي ان التقدم التكنولوجي أحدث نقله نوعية للاعلام وبنفس الوقت فجوة كبيره بين الدول المتقدمة وبقية دول العالم، وفرض على الاعلام بكافة وسائلة ومؤسساتة الإعلامية في كل الشركات ضرورة عمل تحديثات تكنولوجية للحاق ومواكبة المنظمات الإعلامية المتطورة، لذا كان لزاما على كل الشركات والمؤسسات استخدام وتعلم واجادة التقنيات الحديثة المستخدمة في الإعلام ومحاولة الاستفادة منها في رفع الكفاءة لكل العاملين في المجال الإعلامي من صحفيين ومخرجين ومصورين ومصممين ومنتجين، ومحاولة الاستفادة من تلك التقنيات الحديثة في رفع الأداء الاعلامي.
تأثيره على حياتنا
أدى التقدم التكنولوجي إلى تحولات جوهرية في دور الإعلام، جعلت منه محورا أساسيا في كل المجتمعات، وأصبحت كل المجتمعات منفتحة على بعضها البعض، واصبح “الاعلام الجديد” ضرورة حتمية وطريق لابد للجميع من اتباعه، وذلك نتيجة التقدم التكنولوجي الذي يشهده عصرنا، والاعلام الجديد يعني الانتقال من العمل بالطرق التقليدية إلى العمل باستخدام أحدث الأدوات والأساليب التي وصل اليها التقدم التكنولوجي، وأصبح لزاما علينا جميعا الانفتاح على الثقافات العالمية، لكي لا نكون معزولين عن العالم، وأصبح لزاما على كل مجالات الحياة، اللحاق بركب التقدم التكنولوجي وما وصل اليه العالم اليوم، فالإعلام قديما كان دوره مقتصر على تزويد الناس بالمعلومات والاخبار فقط، اما اليوم فلم يعد كذلك بل تجاوز ذلك حتى اصبح هو المرشد والموجه الذي يعتمد عليه الفرد في بناء وتصحيح أفكاره وآرائه، بل ويعتمد عليه في اتخاذ قراراته وحل مشكلاته وتحديد اتجاهاته نحو كثير من القضايا الخاصة والعامة، كل ذلك جعل للإعلام دور مهم ويعد من اخطر الأدوار في حياتنا، واصبحنا نعيش مذبذبين بين ارث قديم نحاول المحافظة عليه وبين حاضر فرضته الحياة العصرية علينا من خلال الاعلام وأصبح تأثيره جليا علينا واستطاع ان يغرس ما يريد في نفوسنا وعقولنا وحتى في أنماط حياتنا، ولم يعد احد يستطيع إيقافه، حتى قال علماء الاعلام ان طبيعة الاعلام تغيرت وأصبحت التنشئة ولم تعد مجرد نقل الاخبار، أي أصبحت مهمة الاعلام هي تعليم الفرد والمجتمع للمهارات والقيم والمعتقدات، وهذا يدل على دور الاعلام الخطير وكيف اصبح يؤثر في حياتنا نتيجة تأثره بالتقدم التكنولوجي، وبسبب جائحة كورونا التي واجهها العالم بداية عام 2020 جعلت الجميع يدرك ضرورة التوجه نحو التحول الرقمي وامتلاك واجادة النظم والأساليب التكنولوجية المتطورة والتخلص من طرق الإعلام التقليدية، نتيجة حالة التوقف والانغلاق التي فرضت على الكثير من دول العالم، لذا نستطيع القول إن فــيروس كــورونا غير معالم الحياة في العالم اجمع، وفرض واقعا جديدا أجبر الاعلام ووسائله من اللحاق وبسرعة بالتقدم التكنولوجي، ومن الصعب العودة لما كان عليه قبل فيروس كورونا، لأن مسيرة التطور التكنولوجي انطلقت وبقوة تحت تأثير الفيروس، ولن تتوقف خاصة مع توفر الإمكانيات، ولمواكبة التطور الحاصل يجب على الاعلام ليس فقط اقتناء الأدوات الحديثة واستخدامها، فذلك لا يكفي، بل لابد من تحول جذري في الاعلام، في صناعة المحتوى الإعلامي وطرق تقديمه للجمهور، والتحرر من الطرق التقليدية التي تعتبر جامدة، ولابد من التجديد وابتكار أساليب جديدة قادرة على التأثير والاقناع، بالإضافة الى شيء مهم للغاية وهو ضرورة ان يعمل الاعلام على تامين احتياجات ورغبات الجمهور إذا اراد البقاء والاستمرار، لأننا أصبحنا أمام واقع تسيطر علية منافسة شرسة ومن الصعب الفصل بين الواقع الذي نعيشه والشبكات الاجتماعية وتطبيقات الهواتف الذكية والجيل الخامس، وخاصة مع استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والذي معه تزايدت قدرة الآلات والروبوتات في معالجة البيانات والتعامل مع المحتوى الإعلامي ومراجعة النصوص بل وتقديم نشرات الأخبار والبرامج التليفزيونية، وأصبح عمل تقارير إخبارية آلية أمرا متاحا، وتم استبدل الروبوتات بالعنصر البشري من مراسلين ومصورين، وأصبح استخدام المتحدث الآلي “Chatbot” أمرا عاديا في مواقع التواصل الاجتماعي، فموقع فيسبوك ماسنجر يستخدم ما يقرب من 30 ألف “Chatbot” للرد على رسائل المستخدمين أو المشتركين في الصفحات، كما وفرت تقنيات الذكاء الاصطناعي الكثير من الجهد والوقت المبذول من جانب الصحفيين والإعلاميين في جمع المعلومات والأخبار وصياغتها.
الإعلام مثل مرآة عاكسة لصورة حياتنا من خلال نشره لكل ما وصل اليه العلماء والمثقفون والادباء والمفكرون من أبحاث وتجارب واختراعات واكتشافات
وخلاصة القول يجدر بنا الاهتمام بالإعلام وبدوره العظيم وأهميته في إدارة دفة الحياة نحو المناحي المتنوِعة، إذ لا يغيب عن أذهاننا قدرته على التأثير والتوجيه في مجريات الأحداث الساخنة على الساحة العالمية على الرغم من سعة المساحة التي يشغلها، ضمن عملياتِ تخلية وتحلية للنفوس الإنسانية وما تحمل من أفكار، فبمجرد مناورات ومؤثرات إعلامية محدودة، إذا به يجبر الناس على تصديق ما يذيعه من أنباء، وإن لم تكن معبرة عن حقيقة الأمر، وعلى الإيمان بما يبديه من آراء وإن كانت بعيدة عن الصواب، أو منصبة في غير صالح المستقبل ومستقبل أمته، إنه السحر الإعلامي _ إن صح التعبير_ الذي جعل من العالم كرة زجاجية صغيرة في يد غول يقلب فيها كيف يشاء، لقد “أصبح المستمع والمُشاهد يعتمد على أجهزة الإعلام ليس فقط في نقل الخبر، وإنما في نقل المعلومات الثَّقافية، وفي تلقي التوجيهات والإرشادات في كافة المجالات، حتى في التسلية والإمتاع بل أصبحت التسلية نفسها تستغل كقوالب فنية جذابة لنقل بعض الأفكار وغرس العادات والتقاليد وتعليم الكثير من المعلومات، وذلك كالتمثيلية الإذاعية وبعض الرسوم والكاريكاتير في الصحف والمجلات،” وغيرها من البرامج الترفيهية التي تبث في وسائل الإعلام المتنوعة، اي إن التقدم التكنولوجي أثر في الاعلام لدرجة كبيرة، وأي تأثير يحمل في طياته كلا الوجهين الإيجابي والسلبي، ومن التأثير الايجابي القدرة على تخزين عدد هائل من المعلومات والأخبار المهمة على فلاش او هارد او في السحابة الالكترونية دون الاضطرار إلى كتابتها على الأوراق، واستطعنا التواصل مع أي شخص والحصول على أي معلومات نريد سواء كانت المعلومات خاصة بالأشخاص أو بالشركات وبوقت قياسي وكل ذلك من خلال استخدام شبكة الانترنت، ولاحظنا إمكانية دعم الأخبار التي يتم نشرها بالصور ومقاطع الفيديو وغيرها من ملفات الوسائط المتعددة، والذي من شأنه تعزيز مصداقية الخبر، وتمكنت الصحافة الإلكترونية من نشر العديد من المعلومات والأخبار الهامة وبضغطة زر، واستطعنا استخدام تقنيات الحاسوب الحديثة والإنترنت والتي مكنتنا من إعداد البرامج الإعلامية وجعلها أكثر جاذبية وأكثر تميز وأعلى دقة، حتى وصلنا لمرحلة اننا نستطيع استخدام الاعلام ومن خلال منصاته لعمل استفتاءات واستطعنا الاطلاع على آراء الجماهير من مختلف الأعمار بسرعة وسهولة، وأصبح من الصعب السيطرة على وسائل الإعلام الإلكترونية ولا سيما مواقع الويب المختلفة والتي يمكنها أن تنشر ما تشاء من اخبار كاذبة وقتما تشاء ودون رقيب او حسيب، متجاوزة كل القوانين، لأنه من الصعب الوصول إلى أي شخص ينشر أخبار كاذبة وخاصة إذا كان يقوم بنشر الأخبار عبر الإنترنت من دول أخرى، وذلك يعد من التأثيرات السلبية للتقدم التكنولوجي، ولابد لنا من التأثر بما وصل الية العالم المتقدم في مجال الاعلام واجادته ومن ثم استخدامه في التأثير في البيئة المحيطة، لان التكنولوجيا أصبحت في متناول الجميع صغارا وكبارا بل أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة، وأصبحنا نعيش في عصر أصبحت تقنياته هي العمود الفقري لمعظم التفاعلات اليومية، واصبحت وسائل الاعلام بتعدد أنواعها ومجالاتها سمة من سمات مجتمعنا الحالي وذلك لما لها من دور فاعل وهام في مواكبة التطورات على المجتمع المحلي والدولي والعالمي.
لذا.. إذا أردنا الحصول على أداء اعلامي بكفاءة وجودة وتأثير عالي، فعلينا اولاً الاعتراف اننا مازلنا نعاني من ضعف في الأداء الاعلامي ومحدودية الإمكانيات، وهنا لابد من توفير كل الأدوات اللازمة لتشكيل بيئة إعلامية حديثه قادرة على النجاح والتأثير، ونعترف ايضا اننا ما زلنا مقصرين في استثمار التقنيات الحديثة في الجانب الإعلامي الاستثمار الأمثل، فلا يكفي اقتناء الأدوات الحديثة، ولابد من تدريب الكادر البشري على اجادة تلك الأدوات، ولا بد ان نعي بالدور الذي اصبح للأعلام وعلينا الاهتمام بهذا المجال واجادة استخدامه، لنستطيع تحقيق اهدافنا الإعلامية المرسومة او اقل شيء المحافظة على هويتنا وثقافتنا وتاريخنا ومعتقداتنا، ولن يكون ذلك الا بالتأثر بالتقدم التكنولوجي من خلال توفير وتعلم واستخدام واجادة كل وسائل التواصل الإعلامي التي أصبحت ضرورة، ومن خلالها نستطيع التأثير والإقناع في بيئتنا وتقديم أداء اعلامي قادر على تحقيق أهدافنا المرسومة.