انكشفت أهداف السعودية والإمارات في حربهما على اليمن، وبرزت للسطح أطماعهما الحقيقية، واتضح ذلك جلياً من ذهاب السعودية بقواتها العسكرية إلى محافظتي حضرموت والمهرة، وهما محافظتان بعيدتان كل البُعد عن ساحات الصراع والمواجهات العسكرية، وتركيزهما على الجزر والسواحل والمحافظات الشرقية.
اليوم ترى السعودية في اليمن الذي مزقته الحرب وهي الطرف الرئيسي في العدوان عليه، فرصة مواتية لمد أنبوب لنقل النفط الخام السعودي عبر الأراضي اليمنية، وهو الهدف الأساسي الذي تدّخلت من أجله دول العدوان بقيادة السعودية بدعم أمريكي بريطاني، لكن بسبب طول المدة الزمنية للحرب كشفت السعودية والإمارات عن أطماعهما الحقيقية في اليمن، وتجلى ذلك في السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية الاستراتيجية ومنابع الثروة النفطية وإبقائها تحت سيطرتهما بشكل مباشر أو عبر مليشيات موالية لهما.
إن طول المدة الزمنية للحرب اليمنية الذي تجاوز اليوم السبع السنوات، مرشحة للاستمرار إلى أجل غير مسمى بسبب الصراع الخفي السعودي الإماراتي حول مصالحهما في اليمن، فالسعودية والإمارات اتخذتا من الحرب اليمنية مبرراً للتدخل في اليمن لتحقيق مصالح وأطماع مرّحلة لهما في الأراضي اليمنية.
السعودية والإمارات تعبثان بالمحافظات الجنوبية والشرقية والجزر اليمنية، ولعل أبرز مظاهر ذلك العبث يتركز في إحداث تغييرات ديمغرافية في الجزر اليمنية كترحيل السكان واستقدام سكان آخرين من محافظات أخرى، موالين للاحتلال، وكذلك استحداثات عسكرية كبناء مطارات وقواعد بحرية بمساعدة خبراء عسكريين إسرائيليين وأمريكيين وبريطانيين، فضلاً عن التجريف الممنهج للمكون البيئي خاصة في أرخبيل سقطرى وإتباع أسلوب الإغراء والترهيب للسكان الأصليين لإجبارهم على قبول الاحتلال، والقمع بقوة لأية تحركات مناوئة للاحتلال.
هذه الإجراءات لم يمارسها الاحتلال البريطاني في فترة احتلاله لجنوب اليمن طيلة 128 عاماً، فيما الإمارات لم تراعِ في تعاملها مع الجزر اليمنية ومدن السواحل كالمخا وعدن أي حرمة ولم تردعها أي صلات تتعلق بالعروبة والدين والجوار.
إن دويلة الإمارات أسوأ من الاستعمار القديم، واتضح ذلك جلياً تدخلها السافر في اليمن وليبيا والصومال وسوريا وغيرها من الدول.
ثمة أمر ملاحظ في طبيعة السياسة الخارجية الإماراتية؛ إنها تريد تقدّم نفسها كدولة إقليمية له ثقل ووزن على المستوى الدولي، لكن الذي لا تريد أن تفهمه هذه الدويلة أنها لا تمتلك المقومات والمؤهلات اللازمة لذلك لا جغرافياً ولا ديموغرافياً ولا عسكرياً ولا صناعياً ولا حتى تاريخياً، دولة أشبه ما تكون كسوق للمنتجات الغربية والشيء المؤكد أنها فقدت انتماءها العربي والإسلامي وأصبحت دولة بلا هوية.