ستمد سلطة أنصار الله شرعيتها من الشعب، وطالما استمر الشعب في ولائه لهذه السلطة سيعترف بها العالم مرغما، عاجلاً أو آجلاً.
لا قيمة ولا تأثير لأي سلطة لا تستمد شرعيتها من الشعب، مهما بلغت “شرعيتها الدولية “، ولنا في “شرعية هادي “ومن بعده خير دليل .
قبل هادي، لم يستفد صالح من شرعيته الدولية ولا من الدعم اللامحدود الذي كان يحصل عليه من الشرق والغرب .. وعندما خرج الشعب يطلب منه الرحيل، لم تنفعه مئات الآلاف من جحافل الجيش والأمن التي كان يقودها الأبناء والمقربون .
هذه الحقائق يجب أن لا تغيب عن بعض قيادات أنصار الله وناشطيهم، خصوصا وأن العدوان والحصار لا يزالان مستمران من قبل تحالف دولي إقليمي ومحلي .
استمرار سلطة أنصار الله وتوسعها مرهون بدرجة أساسية بمستوى علاقتها مع الشعب، لا مجال هنا لاستعراض هذه العلاقة وسرد المواقف والتضحيات التي قدمها أنصار الله من أجل الشعب والوطن، ومن الطبيعي أن يتجاهل الإعلام الذي يدور في فلك العدوان ذلك، وأن يجعل من حادثة وفاة أكثر من عشرة أطفال في مستشفى الكويت معيارا للحكم على سلطة أنصار الله .
وقد استأثرت الحادثة بجدل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي وصل حد الاختلافات بين ناشطي أنصار الله الذين انقسموا بين مدافع عن الوزير الدكتور طه المتوكل، وبين من يحملونه المسؤولية ويطالبونه بالاستقالة . يعترض المدافعون ويعتبرون ذلك “تطاولا “على الوزير واستهدافا لسلطة أنصار الله وخدمة العدوان .!!
ليس في استقالة الوزير إدانة له، فمثل هذه الأخطاء واردة في كل زمان ومكان، ولكن المعيار هو في كيفية التعامل معها ومعالجتها، وهو ما يحتاج إلى وعي وحكمة وروح التحلي بالمسؤولية .
وبحسب معلوماتي، فقد قدّم الوزير استقالته قبل أن يطالبه البعض بذلك، لكنها لم تقبل . وفي اعتقادي أن عدم قبول استقالة الوزير أحرمه فرصة نادرة لتسجيل أشرف وأنبل وأعظم خطوة في حياته، خطوة كانت ستجعل منه رمزا وطنيا مخلدا، وما أحوج اليمنيين لمثل هذه النماذج .
ومن جانب آخر، استقالة الوزير هي أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الوزير لأنصار الله والمسيرة القرآنية، فمثل هذه الخطوات هي التي تعزز علاقة الشعب وثقته بالسلطة . ومثل هذه الخطوات هي التي تردع المسؤولين الآخرين من تكرار الخطأ . فهي بمثابة دستور أخلاقي أكثر إلزاما من القوانين والدساتير المصاغة إذا ما ترسخت في ضمير المسؤولين .
مشروع أنصار الله لا يقتصر على مرحلة زمنية محددة، ومرحلة مواجهة العدوان طارئة ومؤقتة .. طموح أنصار الله هو بناء وطن ونهضة أمة، وتقديم نموذج أمثل للمسؤولية، وهذا حق شرعي ودستوري لأي مكون سياسي يمني . وهذا الهدف لن يتحقق إلا بتعزيز العلاقة مع الشعب وكسب ثقته .
“الدعممة الرسمية” في عصر الفضائيات والإنترنت، خطأ يعكس رسالة سلبية عن الأنصار قبل الأعداء.. وقد تابعنا كيف يتم توظيف الحادث في وسائل إعلام العدوان .
حتى الآن لم تشر بيانات الصحة إلى الشركة المصنعة ومسؤوليتها، واكتفت بحظر جزء من إنتاج الشركة “التشغيلة رقم كذا وكذا ” كما لم تشر إلى الجهة المستوردة أو الوكيل .
• • •
بعد الهزيمة النكراء التي تلقتها مصر في يونيو67، قدم عبدالناصر استقالته، فخرج المصريون إلى الشوارع مطالبين بتراجعه عن الاستقالة ومواصلة القيادة .
لمجرد إعلانه تحمل المسؤولية، تسامح معه الشعب رغم مرارة الهزيمة التي سقط فيها عشرات الآلاف من الجنود والضباط المصريين والعرب، واحتلال إسرائيل سيناء وغزة والضفة الغربية والجولان في خمسة أيام.
الشعوب العربية عاطفية متسامحة، واليمنيون أكثر تسامحا وأرق قلوبا .
من مصلحة معالي الوزير الإصرار على استقالته، وأن يضحي بمنصبه من أجل خدمة أنصار الله ومسيرتهم، لأن استمراره في منصبه ، يخدم “بشكل غير مباشر” الوكيل المستورد والشركة الهندية المصنعة .
وعلى عكس عبدالناصر الذي لم يكن يُحسن سوى الخطابات الفارغة والشعارات الجوفاء، فإن بقاءه خارج منصبه كرئيس كارثة بالنسبة له، ولذلك تراجع سريعا عن استقالته . بينما الوزير طه المتوكل دكتور قلب، وهو شاب، وسيجد الكثير من الأعمال والفرص العملية والعلمية.
aassayed@gmail.com
المصدر: صحيفة الثورة