وكالات:
المخاوف الإسرائيلية بشأن احتمال تفجّر الأوضاع في الضفة الغربية، ونشوب انتفاضة جديدة، تظهر جلية في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتقارير إعلام الاحتلال.
يُجمع المسؤولون الإسرائيليون، وحتى الأميركيون، على أنّ الضفة الغربية تشكل خطراً وتحدياً كبيراً أمام الاحتلال، في ظل تزايد العمليات الفلسطينية، والإرادة الشعبية لمناهضة الاحتلال، والدعوات المستمرة إليها.
ووصلت المستشارة الرفيعة في الإدارة الأميركية باربرا ليف، أمس السبت، إلى الشرق الأوسط لإجراء سلسلة اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين تناقش احتمال تدهور وتوتّر الوضع الأمني في الضفة الغربية قريباً. وقال مصدر إسرائيلي، مطلع على تفاصيل الاجتماعات، إنّ “الأميركيين قلقون جداً.. وإذا استمرت هذه الديناميكية هم متأكدون أنّ وجهتنا إلى تدهور أمني”.
هذه المخاوف تأتي في ظل ارتفاع منسوب العمليات الفلسطينية في الضفة في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد عملية “سيف القدس” وخلالها، والحالة المستجدة في الضفة الغربية، لا سيما في المحافظات الشمالية التي باتت تخيف قوات الاحتلال.
ولم تعد صور مئات الفلسطينيين يهاجمون بحجارة وذخيرة حية قوات الاحتلال الإسرائيلي ترِد من جنين أو نابلس فقط، بل باتت هذه الصور تأتي، في الأسابيع الأخيرة، من “كل مدينة ومن كل قرية، وحتى من المنطقة التابعة لبلدية القدس”، وفق الإعلام الإسرائيلي.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإنّ غالبية هجمات إطلاق النار ورشق زجاجات حارقة، التي تقع حالياً في كل ليلة تقريباً، موجّهة ضد أهدافٍ عسكرية، خصوصاً أبراج حراسة، ومواقع وحواجز الجيش الإسرائيلي على طرقات الضفة.
وتلاحظ المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية “حافزية عالية جداً لدى الفلسطينيين لتنفيذ هجمات”، وفي إثر ذلك، قامت قوات الاحتلال بسلسلة من الإجراءات لإحكام القبضة على الضفة، من حملات اعتقال، ومداهمات، تحول أغلبها إلى معارك مسلحة عنيفة. ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ “كل دخولٍ ليلي للجيش الإسرائيلي لتنفيذ اعتقال في أي منطقة فلسطينية أيًا كانت، يصطدم اليوم بعنفٍ قاسٍ وواسع”.
تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي لعام 2022 ذكر أنّ أحد أبرز التهديدات التي تواجه الاحتلال هي الجبهة الداخلية في فلسطين المحتلة. وجاء في التقرير أنّ “الساحة الفلسطينية تشكل تحدياً خطراً أمام إسرائيل”، وأنّ “الوضع الأمني في الضفة الغربية يغلي، لكن إسرائيل تحاول السيطرة عليه عبر أنشطة مكثّفة لقواتها، بالتنسيق مع أجهزة السلطة الفلسطينية”.
لكن في الوقت الذي تعتمد فيه “إسرائيل” على مساهمة السلطة الفلسطينية في ضبط الوضع في الضفة، انتقد المسؤول السابق في “الشاباك”، عادي كرمي، أداء السلطة، وقال إنّها “لا تقوم بعملها بصورة كافية في إحباط الإرهاب”، مشيراً إلى أنّ “الفلسطينيين نفّذوا أكثر من 60 هجوماً نارياً منذ مطلع السنة، فيما أحبط الشاباك نحو 220 هجوماً آخر”، على حدّ قوله.
هذه الانتقادات كان تطرّق إليها تقرير “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي”، إذ قال إنّه “في حال انفلات عقد السلطة الفلسطينية في جبهة الضفة الغربية، سيؤدي ذلك إلى حالة استنزاف وتهديد ستجعل إسرائيل غير قادرة على مواجهة التهديدات الخارجية وخاصرتها الأمنية رخوة”.
وتتضارب هذه التحولات مع المفهوم الإسرائيلي بشأن الضفة الغربية، الذي يسعى “للحفاظ على هدوء أمني عبر تنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية، وإضعاف حركة حماس وتأسيس النظام العام بواسطة أجهزة الأمن الفلسطينية”، بحسب التقرير السنوي لمعهد السياسة والاستراتيجيا في جامعة “رايخمن” حول التحديات الأمنية الإسرائيلية.
ومكّنت “هذه السياسة إسرائيل من التركيز في السنوات الأخيرة على التهديد الإيراني والمعركة بين الحروب وقضايا أخرى”، بحسب التقرير نفسه.
وباتت الساحة في الضفة القابلة للانفجار تُقلق المؤسسة الأمنية أكثر من إيران وحزب الله، بحسب “يديعوت أحرونوت”، خصوصاً في ظل عزم إيران تسليح المقاومة في الضفة كما تم تسليح غزة، وتحول الضفة الواقعة تحت سيطرة الاحتلال إلى بؤرة للسلاح المقاوم كما في غزة.