Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مذكرات للسلام التائه

مذكرات للسلام التائه
الكاتب: زياد القحم
قراءة: نجيب التركي
“زياد مجرّد خاطرة نسيتها البلاد
نقطة ضوء خيالية في أوج السواد”
كتاب واحد بثلاثة عناوين:
مذكرات
سلام
تائه
ماذا لو اختصر الكاتب ثلاثة في اثنان(سلام تائه)؟
هل سيخلّ ذلك بمضمون الكتاب، أم سيزيده ألق في سماء التحليق؟
وأنا أتنقّل بين السطور لا أخالني فراشةً تبحث عن ضوء لتحترق، بل، نحلةٍ جُبلت على أخذ الرحيق من شفاه الورد.
القارئ المتأمل للكتاب يدرك ما هية الحرف المتعوب عليه، ويعرف متى يتوارد إلى الذهن الإلهام النابع عن شوق مُسبق لتسطير ملحمة بطلها( زياد) ساحتها: الصفحة البيضاء المضمّخة بالسواد، والمنتصر فيها
لا يتورع عن قول كلمة الله عند كل علامة امتداد.
أقرأ وأنا أتخيل الكاتب يؤشّر بيديه نحو السلام المُلقى في شفاه الساسة، يكتب مُذكراتهم بحنّو كماسٍ مَرّ
من فوق الزجاج، يخدش التيه برفق، ويأبى إلا أن
يكون وسيطاً بين ما قالوه سابقًا وبين ما لم ينفذوه.
نحترق لنحيا، نكتب ليبقى الآخرون قيد الدهشة، نصاب بالذبول في ريعان الشباب، نسأل الأماني عن أحلامها المؤجلة، يقول زياد ذلك، ولو لم يذكر ذلك علنا، وحده الوطن المُدمى كَفيلٌ بضمّ زياد بين جناحيه، كإبنٍ بارً
لم يعصِ والديه، هَمّه الأول إدرار السعادة من حلمات الحزن.
يلوك الجميع الوطن بألسنتهم وهو ليس في قلوبهم، يعلمون وهم لا يفقهون، أن الوطن (تزّوج فيه العذاب بتفاحةٍ لم يكن مُغريًا جسمُها) مُجرّد ادعاءات كاذبة ليس لها من الصحة ما يشفي طموحاتنا، وحين الطرق على باب السلام نجد مُقلَتَيه باكية، أي ألمٍ يحمله الباب في ذاكرته، وهل سيأتي اليوم الذي فيه يجيد الكلام ليشدو مع أمه:
الوردة ما خانت
وطنا،
لا…
بل حفظته وصانت.
“زياد مجرد خاطرة نسيتها البلاد
نقطة ضوء خيالية في أوج السواد”
سافري أيتها الحروف المُحلّقة فوق رؤوس الجبال، انشري الفرح في وجوه الثكالى، حدّثيهم عن نصاعة قلب زياد، وعن ما عاناه ولم يزل يكابد تبعاته، تبًا لمن جعل أبناء البلد غرباء في وطنهم، الوطن الذي فيه يتوقون لتحقيق أبسط أحلامهم فتتلقاها مقاصل من فولاذ، لا تأخذ بالوافد إليها إلاً ولا رحمة!
لم نكن يومًا في بحبوحة نستطيع تدوينها في سطور، ولم يكن الوطن وساسته المتعاقبون على رئاسته أكثر من نزوة عابرة، نتوه بين هذا وذاك حتى أدمتنا متاهات الفرص الضائعة، حاضرون وفي غيابنا كأننا لم نوجد، تعاسة ليس بعدها ما يستحق سوى الأنين، وحينما نشارف على الانتهاء يأتي “زياد” مرحبا بقوله:
للمتاهات حنين!
قد نستبسط ما قرأناه في مائة وخمسة عشر ورقة، وقد نقول أنه كلام عادي يستطيع أن يأتي به كل من لازم الحرف قلمه، بين هذا وذاك ثمة فرق شاسع بين تفاعلنا مع النص، وبين مشاهدة ما يوحي به، بين الخفض في موضع والرفع في موضع آخر، بين الهدوء والعاصفة، بين الحرب والحب، وأخيرًا، بين أن ننجز
عملاً أيًا كان تصنيف جنسه، وبين تمترسنا خلف تباب القيل والقال.
Share

التصنيفات: ثقافــة

Share