صنعاء – سبأ:
أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، أن الخوض في بحث الملكية الفكرية وتطوير الآليات الضامنة لحمايتها من القضايا المهمة للحاضر والمستقبل .
وأشار رئيس الوزراء خلال مشاركته اليوم في افتتاح ندوة الحماية القانونية لحقوق الملكية الفكرية في ظل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي نظمها مركز البحوث والدراسات العلمية بجامعة المستقبل، إلى أن الخوض في موضع الملكية الفكرية بتشعباته المتعددة يحتاج إلى دراسة معمقة وضبط قانوني ولائحي واضح ودقيق.
وبارك للجامعة اختيارها موضوعاً من المواضيع الشائكة وذات الأهمية القصوى للمستقبل والتي تحتاج إلى جرأة وتعمق في دراسة مختلف جوانبها .. لافتا إلى أن الندوة تركز على واحدة من القضايا التي يتصارع حولها مجموعة من الباحثين والمهتمين في مواجهة من يحاولون مصادرة حقوق الناس بطريقة أو بأخرى بعيداً عن النص القانوني.
وأبدى استعداد الحكومة تطوير مخرجات الندوة وتحويلها إلى نص قانوني يحمي الملكية الفكرية لكل أستاذ جامعي ولكل فكرة وعمل إبداعي ومعاقبة من يتعدّى عليها بأي شكل من الأشكال.
وقال “الحياة توّسعت وتطوّرت وأخذت أبعاداً كثيرة، فلم يعد الأمر محصوراً في إعداد كتاب أو بحث أو مقالة علمية، بل شمل قطاعات واسعة مرتبطة بالسوق الذي أصبح يستوعب كل ما يمكن أن ينتج في قاعات الدرس وتحويله إلى برامج، ثم إلى أساليب تتحول بدورها إلى مادة منتجة”.
وأوضح الدكتور بن حبتور أن حماية الحقوق الفكرية التي تتيح للمبدعين أن يواصلوا إبداعاتهم تمثل ضرورة لصد من يقومون بسرقة جهد الآخرين ووضع أسمائهم عليها لصنع بعض المكتسبات الشخصية دون جهد منهم.
وأشار إلى أن الكثير من الوقائع تتحدث عن سرقة شهادات الدكتوراه ورسائل الماجستير ووضع أسماء أخرى عليها وبالمثل العديد من المؤلفات التي حصل حولها جدل واسع لأنها نُسبت إلى غير أصحابها.
وأضاف “إن المستقبل إذا لم يُضبط بآليات واضحة ومنها القوانين واللوائح مع التقيد بها، يمكن أن ندخل في فوضى قانونية ومؤسسية وإخضاع كل شيء للأمزجة والنزعات الذاتية” .. منوها بالبرنامج العلمي الذي أعدته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي طيلة هذه الفترة الاستثنائية والذي أنتج أبحاثا علمية من النوع الذي يفاخر به كل من له صلة وعلاقةَ بالعمل البحثي الأكاديمي.
وتطرق رئيس الوزراء إلى الصراع على إنتاج الأفكار والتراشق بين الدول الكبرى والاتهامات المتبادلة بشأن سرقة الأفكار والذي يؤكد الأهمية الكبيرة لموضوع الملكية الفكرية وصون حقوق منتجيها ومبدعيها.
وذكر أن العالم اليوم على عتبة تحولات كبيرة تفضي إلى تعدد الأقطاب بدلاً عن القطب الغربي الواحد الذي تتزعمه أمريكا و الذي أرهق العالم بتدخلاته السافرة وسيطرته على مقدرات العالم.
وعبر رئيس الوزراء في ختام كلمته عن الشكر لقيادة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولوكلاء الوزارة، على تخصيصهم جزءاً من وقتهم من أجل رعاية مثل هذه الأنشطة العلمية في مختلف الجامعات اليمنية القائمة في أمانة العاصمة والمحافظات الحرة.
وفي الندوة بحضور وزير الثقافة عبدالله الكبسي، اعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي حسين حازب تركيز عدد من الجهات على قضايا حقوق الملكية الفكرية، خطوة في الاتجاه الصحيح لأهميتها خاصة والعالم يعيش في عصر يشهد انفجاراً معرفياً وتطورات متسارعة شملت مختلف المجالات.
وأكد أن أهمية الملكية الفكرية تكمن في أنها أحد الأدوات الرئيسية في تنمية وازدهار المجتمعات وتقدّمها، ما جعل معظم الدول تسعى لسن تشريعات خاصة بها، واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تصون هذه الحقوق من الضياع والانتهاكات، من خلال عقد عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية هذه الحقوق.
وأشار الوزير حازب إلى أن التطور التكنولوجي الواسع أسهم في انتهاك حقوق الملكية الفكرية من خلال استغلال شبكة الانترنت باستعمال طرق وأساليب غير مشروعة وفي مقدمتها “القرصنة بأنواعها المختلفة والسرقات العلمية والتزوير”.
وقال:” في الوقت الذي أدى استخدام الانترنت إلى تحقيق المنافع للبشرية، فإنه فتح أمام الكثير القراصنة نوافذ تمكنوا خلالها من إحداث أضرار ومخاطر أمنية وبشكل لافت وغير محدود، سيما الأضرار التي لحقت وتلحق بأصحاب حقوق الملكية الفكرية”.
وذكر وزير التعليم العالي أنه مع استمرار الجرائم والانتهاكات الفكرية دفع ذلك المنظمات والهيئات الدولية ومعظم الدول ومنها اليمن إلى بذل الجهود لحماية حقوق الملكية الفكرية، من خلال إيجاد آليات متنوعة لحمايتها، ومنها القضائية والقانونية والإدارية وإبرام اتفاقيات دولية في هذا الجانب.
ودعا إلى تطوير القوانين ذات العلاقة بحماية حقوق الملكية الفكرية لتواكب المرحلة الراهنة والمتغيرات العالمية، وتفعيلها بما يسهم في حماية حقوق الباحثين والمبدعين والمبتكرين والشركات التجارية والصناعية.
وحث وزير التعليم العالي المشاركين على الندوة الاستفادة من توجهات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لتطوير التشريعات اليمنية في إطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية .. مؤكداً أن الكثير من الأغاني والألحان اليمنية التراثية الأصيلة قد تم سرقتها من قبل فنانين عرب وأجانب، ولم يكتفوا بذلك بل نسبوا الكلمات والألحان إليهم، ولم نسمع أن الدولة أو جهة رفعت شكوى وسعت لحماية هذه الحقوق لأصحابها إضافة إلى ما تتعرض لها الآثار اليمنية من نهب وسرقة وعبث وبيعها وتهريبها إلى دول الجوار ونسبها إليهم.
وشدد على ضرورة الاستفادة من التطورات العالمية في مجال الأمن والسيبراني وأمن المعلومات التي أصبحت اليوم دول العالم تتجه إليه وتعتمد عليه بشكل كبير في مختلف المجالات .. مشيداً بدور جامعة المستقبل وقيادتها وكادرها على إعدادهم وتنظيمهم للندوة العلمية والإنجازات التي شهدتها الجامعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة في تطوير برامجها الأكاديمية وبنيتها التحتية.
وفي الندوة التي حضرها نائب وزير التعليم العالي الدكتور علي شرف الدين، ووكلاء وزارة التعليم العالي لقطاع البحث العلمي الدكتور صادق الشراجي، والشؤون التعليمية الدكتور غالب القانص، والثقافة لقطاع المصنفات والحقوق الملكية عبد الملك القطاع والصناعة والتجارة عبدالله نعمان، أشار رئيس مجلس أمناء الجامعة نائب رئيس الاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية الدكتور عبد الهادي الهمداني، إلى الدور المهم للملكية الفكرية في تحقيق التنمية الاقتصادية والثقافية والبشرية في كافة البلدان.
وأكد أن الملكية الصناعية تتضمن براءات اختراع وعلامات تجارية ورسوم ونماذج صناعية وبيانات جغرافية، وحق المؤلف تشمل المصنفات الأدبية “كالروايات والقصائد الشعرية والمسرحيات والأفلام والموسيقى، فيما تتضمن المصنفات الفنية “اللوحات الزيتية والصور الشمسية والمنحوتات، والتصاميم العمرانية، بينما تشمل الحقوق المجاورة لحق المؤلف وحقوق فناني الأداء في منتجي التسجيلات الصوتية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية”.
ولفت الدكتور الهمداني إلى أهمية الحقوق الفكرية الإلكترونية التي تعمل على صيانة حقوق الأفراد والشركات في وقت أصبحت التكنولوجيا وسيلة مهمة للتواصل والنشر.
وتطرق إلى التحولات التي أدت إلى اهتمام المجتمع بحماية حقوق الملكية الفكرية من قبل الدول المتقدمة وإدراك عدد من الدول النامية أهمية إدراج سياسات الملكية الفكرية وحمايتها ضمن قوانينها الوطنية والتفاعل مع المنظومة الدولية.
وأكد أنه تم إنشاء الفرع الإقليمي للاتحاد بصنعاء في نوفمبر 2014م بدعم الجهات المختصة بحماية الملكية الفكرية بهدف نشر ثقافة الملكية الفكرية وحماية حقوقها لكافة الأفراد والشركات والمؤسسات.
وفي الفعالية التي حضرها الوكيل المساعد بوزارة التعليم العالي خليل الخطيب، والمدير التنفيذي لمركز تقنية المعلومات الدكتور فؤاد حسن، وأمين عام مجلس الاعتماد الاكاديمي الدكتور محمد ضيف الله، وعدد من رؤساء الجامعات الأهلية، وممثلي الاتحاد العام للغرف الصناعية والتجارية، والداخلية، تم تسليم دروع الجامعة لرئيس الوزراء، ووزراء التعليم العالي، والثقافة، والصناعة والتجارة، ونائب وزير التعليم العالي.
إلى ذلك بدأت أعمال الندوة برئاسة رئيس الجامعة الدكتور أحمد النويهي باستعراض الورقة الأولى المقدمة من الدكتور سيف الحيمي الإطار المفاهيمي للملكية الفكرية وأنواعها وأقسامها، فيما تطرقت الورقة الثانية المقدمة من الدكتور فؤاد المخلافي إلى “دور التشريعات الوطنية والاتفاقيات والمواثيق الدولية في حماية الملكية الفكرية”.