عبد المجيد التركي
ــــــــــــــــــــــــــ
كما أنا.. لم يتغير شيء..
أطرقُ البابَ الخطأ باستمرار
وأمنــِّي نفسي بيدٍ سأصافحها خلفَ الباب،
للأبواب حكاية طويلة لا يعرفها النجَّارون،
حكاية تتجاوز سعر الخشب وجودته..
الأبواب مومياوات ترتدي الخشب
وربما أنها بشرٌ انتهت فترة صلاحيتهم فتمَّ تحنيطهم.
*
تغلق الباب بهدوء كي لا يسمعك أحد
فيصدر أصواتاً يخيفك بها كأنه يطقطقُ أصابعه،
لا لشيءٍ إلاَّ ليجرِّب لؤمه عليك.
*
لباب حكاية طويلة لعُري الشجرة
وعقمٌ مدهونٌ بطلاءٍ لا يستجيب للرياحِ اللَّواقح
التي تــــُزاوجُ بين الأشجار دون أدنى شهوة.
*
الباب انتظارٌ دائمٌ
وانفراجة مؤقتة لضيق طويل..
كلُّ خضرته مخزونة في ذاكرة المنشار الذي يقطع المشهد من نصفه
ولا يبالي بالنهايات
لأنها غير سعيدة في نظره..
*
المنشار صديق الشجرة
يحميها من مقصِّ البستاني
ومياه الشتاء التي تملأ عروقها بالصقيع
ويمنحها شكلاً آخر لكسر رتابة الفصول
التي تتلاعب بأوراقها المتساقطة..
*
يتذكَّر الباب أنه كان بذرة ملقاة على التراب،
ويتذكَّر أنه بقي لساعات في حوصلة عصفور
أصابه قيءٌ مفاجئ..
*
أصبح في مأمنٍ من الشيخوخة
ورماد المدفأة
وثرثرة الطيور التي كانت تستريح على أغصانه في حياة سابقة..
يتذكَّر الباب أن جذوره ما زالت مدفونة في التراب
وأن نصف ذاكرته تكفي ليتأكد أنه يقوم بدورين في مسلسل واحد.