حاشد الشبلي
رجل الرمال المتحركة كما أُطّلق عليه، وأول وزير خارجية للجمهورية العربية اليمنية، ورئيس للوزراء خمس مرات في عدة تشكيلات حكومية، أربعٌ منها في عهد القاضي الارياني الذي قيل أنه شبيههُ في العناد الوطني، ومرة أخرى في عهد إبراهيم الحمدي ..!
*مولده، ونشأته
1932م هو تاريخ اعتمد في جواز سفره على أنه تاريخ ميلاده، فيما أنه لم يُعرف تاريخ ميلاده الحقيقي، فقد ولد في قرية الحمامي في عهد المملكة المتوكلية اليمنية الذي بدأ عهدها أبان الحرب العالمية الأولى 1918وأنتهت بثورة ال26 من سبتمر 1962م بمقتل الإمام يحيى حميد الدين وقد شهد الإنسان اليمني خلال فترة حكم المملكة المتوكلية العديد من العمليات الإضطهادية ضد الإنسان وحُصرت العملية التعليمية على الطبقة الحاكمة وعشيرتها الأقربون .
يقول في كتابه “خمسون عام على الرمال المتحركة” عندما أرفض الإحتفاء بتاريخ ميلادي فأن لا أعرف تاريخ ميلادي الحقيقي، وذلك التاريخ الموجود في جواز سفري إنما من تأليف خالي .
يُعد محسن العيني الخامس ترتيبًا بين سبعة من إخوانه وقد توفت أمه مبكراً ثم ابيه ثم أخية الأكبر الذي كان قد انتقل إلى كفالته بعد وفاة أبيه .
تربى العيني على نفقة أخيه الأكبر بعد وفاة والده، ثم أنتقل بعد وفاة اخيه الأكبر إلى مكتب الأيام وهو المكان الذي أنشىء في عهد الإمام يحيى لإيواى الأيتام والمشردين .
*مرحلة التعليم
أنتقل العيني من قريته الحمامي في بني بهلول وهي منطقة قريبة من العاصمة صنعاء إلى المدرسة الابتدائية التي أقامها الإمام لإيواء الأيتام وتخريج كتبه للدوائر الحكومية،
والذي قال عنها في كتابه ” في مكتب الأيتام شاركنا في تشييع المئات من الموتى نتيجة الجوع والأمراض والأوبئة والذين دفنوا في مقبرة خزيمة جماعات جماعات .
*بداية التحول السياسي
شكلت حقبة الخمسينات من القرن الماضي نقطة تحول في حياة العيني، حيث وقع عليه النصيب ليكن ضمن ٤٠ طالباً سيتم ابتعاثهم للدراسة في الخارج، رغم إعتراض الأمير المكلف من قبل الإمام بالإشراف المباشر على البعثة على إختيار أثنان من القبايل ومن أسرة واحدة؛ إلا أن المدرسين أصروا على أحقيته وأخيه في هذه البعثة، لما يتمتعون من ذكى فطري وقد واستطاع محسن العيني واخيه من السفر ضمن البعتة إلى مصر .
*محسن العيني والأحرار
كانت تُعد جمهورية مصر مركز لتجمع الأحرار الذين اقاموا ثورة مضادة لحكم الإمام، حيث كانت جماعة الزبير والنعمان تعمل على إستقطاب كل الشباب المقيمين في مصر أو الوافدين من الجمهورية العربية اليمنية إليها .
وما أن وصل محسن العيني الى مصر حتى سرعان ما أنخرط مع الأحرار وعمل معهم في التنظيم والتوعية بخطر الإمامة واهمية الثورة ضد الإمام كنزعة وطنية نشأت معه منذُ صغره وأصبح صوت الأحرار الحصيف في الخارج وفي الداخل المنقذ وقت الأزمات .
*مؤلفاته
اصدر كتابان الأول معارك ومؤامرات ضد قضية اليمن
حيث كشف عن أحداث وشخصيات في هذا الكتاب كانت تسعى للقضاء على الجمهورية الوليدة لإعادة الإمامة الميته .
والثاني خمسون عاماً في الرمال المتحركة، عبارة عن سيرته الممتدة لنحو “خمسون عاماً في الرمــال المتحركة” أختار محســن العيني أن يضع مجهره على نصف قرن فقط من زمن الصراع السياسي في اليمن .
فكتب مذكراته وسرد تفاصيل حياته النضالية ومعاركه الثورية في أحاديــث كثــر لإذاعات وصحف وقنوات تلفزيونية، وفيما يخص مذكراته التي تتكون من (354 صفحــة) نجد انه عرض حقائق ومعلومات عن مواجهاته المشــهودة في لقاءاتــه مع قادة اليمن أو ملــوك وزعماء الإقليم، ورؤساء العالم في الغرب والشرق .
*العيني والجمهورية
منذ اللحظــات الأولى ، في فجر الجمهورية طاف العيني سفارات العالم وانتزع اعترافا بالجمهورية
الوليدة، وقدم بلده للخارج بثقة، ورسم عنها صورة مليئة بالأنفة والكبرياء .كانت أول معركة يخوضها العيني مع الاماميين بنيويورك لشــغل مقعــد صنعاء في الجمعية العامــة لأمم المتحدة، والتي توجه هذه المعركة بانتصار الأحرار بقيادة العيني وشغل منصب الجمهورية العربية اليمنية في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
كمــا يعرف عنه أنه وضع أربع خطط خمسية في السبعينات لجعل اليمن في مصاف الــدول المتقدمة خــلال عشرين عاما، إلا أن الفرصة التي أتيحت له في عهد الراحل إبراهيــم الحمدي لم تتجاوز الســنة حتى تم اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، وظهرت حكومة جديدة لم يكن العيني ضمن هذه الحكومة . ولم يتم العمل بتلك الخطط المعدة مسبقاً من قبل العيني في التشكيلات المتعاقبة
*رحيله
رحل محسن العيني، وترك خلفه مسيرة محاطة بالمهابة والشرف، كان رجل دولة صارم ومســؤول تقلد المناصب باقتدار، وكلما شعر بعجز أو فقدان صالحيته الكاملة في الترصف، توقف وقدم استقالته، وعندما كان ينظر إليه بنظرة حزبية ويرى نفسه سببًا لعرقلة الحركة الجمهورية جعل اليمن اولاً. قدم استقالته فوراً كم حصل معه عندما وقف جمال عبد الناصر الدعم للجمهورين وقال “لن أدعم حكومة فيها بعثي واحد” ويعني بذلك العيني، فقدم استقالته فورًا وقال الجمهورية اولاً، إلا أن السلال لم يقبلها ووجهه إلى القاهرة للبحث عن حل آخر .
توفى عن عمرٍ ناهز ال89 عامًا في أحد مستشفيات القاهرة بتاريخ 25 أغسطس 2021 م