دفع مرض “جدري القردة” منظمة الصحة العالمية لعقد اجتماع طارئ في محاولة لفهم ومعرفة مدى وأسباب تفشيه.. وذلك بعد الاشتباه بأكثر من مائة حالة في أوروبا.
وقالت المنظمة -التي اجتمعت الجمعة- أنّ هذا الفيروس ينتشر على نحو مختلف عمّا شهدناه مع فيروس كوفيد-19.. وأنه يستوطن في بعض المجتمعات الحيوانية في عدد من الدول، ويتسبب أحيانًا بتفشي هذا المرض بين السكان المحليين والمسافرين.. لكن حالات التفشي الأخيرة لهذا الفيروس التي رُصدت في 11 دولة، تعتبر غير مألوفة لأنها اكتشفت في دول غير موبوءة.
وأكدت في البيان الصادر عنها تسجيل نحو 80 حالة في العالم حتى الآن، و50 أخرى تخضع للتدقيق.. مرجحة الإبلاغ عن المزيد من الحالات بالتوازي مع توسع نطاق عملية المراقبة.
وتعمل المنظمة مع الدول المتضررة وبلدان أخرى بهدف توسيع نطاق مراقبة المرض لرصد الأشخاص الذين تحتمل إصابتهم وتقديم الدعم لهم.. وتزويدهم بالإرشادات الخاصة بكيفية التعامل مع المرض.
كيف ينتشر “جدري القردة”؟
ينتشر جدري القردة عبر الاتصال الوثيق، لذا يتوجب عند الاستجابة التركيز على الأشخاص المصابين وعلاقاتهم الوثيقة.. فالأشخاص الذين يتعاملون عن قرب مع شخص مُصاب هم أكثر عرضة للإصابة بجدري القردة. وهذا الأمر يشمل العاملين في القطاع الصحي، وأفراد الأسرة، والمعاشرة الجنسية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وفي هذا السياق أوضح الطبيب، مايكل سكينر، العضو بكلية الطب في قسم الأمراض المعدية في “إمبريال كوليدج لندن”.. “عندما تلتئم التقرحات، يمكن أن تتساقط القشرة (التي قد تحمل فيروسًا معديًا) على شكل غبار يمكن استنشاقه”.
الأعراض الأولية لـ”جدري القردة”
وبالنسبة لأعراض المرض أفاد المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) بان العوارض الأولية لجدري القردة تشبه تلك التي نصادفها عند الإصابة بالإنفلونزا، مثل الحرارة، والقشعريرة، والإرهاق، والصداع، ووهن في العضلات، يليها تورّم بالغدد الليمفاوية، ما يساعد الجسم بمكافحة العدوى والمرض، مؤكدا بأنّ تمتع المرض بفترة حضانة تتراوح بين 7 و14 يومًا.
وتختلف الإصابة بجدري القرود عن مرض الجدري المعروف بعدد من السمات مثل تورّم الغدد الليمفاوية، وظهور طفح جلدي واسع على الوجه والجسم، يطال داخل الفم وراحتي اليدين وباطن القدمين.
كما يكون الطفح الجلدي عادة مؤلمًا، عبارة عن حبوب تحتوي على سائل، محاطة بدوائر حمراء بالإضافة إلى تقشّر الحبوب وتختفي خلال فترة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع.
وأوضح أستاذ الصحة العامة الدولية في مدرسة لندن للصحة العامة وطب المناطق الحارة جيمي ويتوورث، أنّ “العلاج مفيد عمومًا، لكن ما من أدوية محددة متاحة.. رغم ذلك، ثمة لقاح يمكن إعطاؤه لمنع تطور المرض”.
غير أنه يمكن للمطهرات المنزلية الشائعة أن تقتل فيروس “جدري القردة”.. بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
نشأة “جدري القردة”
وقد جاءت تسمية “جدري القردة” عام 1958، عندما “تفشى مرض شبيه بالجدري مرتين في مستعمرات أبحاث خاصة بالقردة”، ومع ذلك لا زال الناقل الرئيسي لمرض “جدري القردة” مجهولًا رغم أن “القوارض الأفريقية يشتبه في أنها تلعب دورًا بانتقال العدوى”.
وسُجلت أول حالة معروفة من “جدري القردة” لدى البشر عام 1970، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال مرحلة بذل جهود مكثفة للقضاء على الجدري، ليعاود الظهور في نيجيريا عام 2017، بعد مرور 40 عامًا لم يبلغ خلالها عن أي حالة إصابة.
ومنذ ذلك الحين، تم الإبلاغ عن أكثر من 450 حالة في نيجيريا، وما لا يقل عن ثماني حالات معروفة تم تصديرها دوليًا، ويذكر ان المرض تفشى في الولايات المتحدة عام 2003، بعدما أصيب 47 شخصًا بالمرض في ست ولايات، بسبب اتصالهم بكلاب مروج أليفة.