في محاضرته الرمضانية الثامنة لعام 1443هـ ، تحدث السيد القائد – عليه سلام الله ورضوانه – حول آيات الدعاء في سورة البقرة بقولة تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ، الدعاء الذي هو من لوازم الايمان ، ويعبر الدعاء ويدل على تذكر الله سبحانه وتعالى، وبديل ذكر الله هو ذكر غير الله، ويعبر عن رجاء الانسان المؤمن لله متوكلا عليه، موقع الدعاء من الايمان هو موقع التضرع لله، موقع القرب من الله، فاذا دعاة الانسان كان قريبا منه بالاستجابة، وفق رحمته وما يتعلق بأحوال الداعي، فالدعاء جزء من الالتزامات و الاهتمامات الايمانية، في مختلف الحالات والظروف، والبرنامج العبادي في الذكر بالصلاة، والأوقات المميزة والمناسبات والاعمال والحالات ما تكون فرصة الدعاء فيها اكبر، ومنها شهر رمضان، وليلة القدر في رمضان، ومثل اوقات السحر، واوقات ما بعد الصلاة، الله يدعونا ان ندعوه ويرشدنا إلى أسباب الاستجابة، التي ثمرتها الايمان بالله..
المطلوب في الاستجابة للدعاء في جميع جوانب المسئوليات ، مع التوبة والانابة، والتوجه العملي لله سبحانه وتعالى، والسعي لتلافي اي تقصير، فإن الله لا يخلف وعده، و الاستجابة في الدعاء نفسه المرتبط بالعمل و الاستجابة العملية، الأخذ بالاسباب العملية من أهم موجهات الاستجابة للدعاء، اي الدعاء في ميادين العمل، ومن الفرص المييزة للدعاء شهر رمضان المبارك، فما احوجنا إلى الرشد في شئون ديننا ودنيانا، فالإهتداء إلى الخير يحتاج لفكرة صحيحة، والايمان بالله سبحانه وتعالى انه هو الذي بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وهو العليم الحكيم بما ينفع الانسان ، لذا فإن استجابة الدعاء مرتبطة بالتدبير الإلهي، وليست مرتبطة بالاهواء و الرغبات المزاجية، فهناك السنن الإلهية الكفيلة بانتقال الانسان إلى ساحة الرحمة الإلهية، ولو لاحظنا ادعية أنبياء الله، سوف نجد ان في مقدمة طلبهم هو طلب المغفرة، وهذا اهم ما نتعلمه ، فلا شئ يضر الانسان مثل الذنوب والمعاصي والتفريط ، لذا فإن الدعاء يأتي من موقع الثقة بالله..
مهما طالت المحن والصعوبات وحجم المعاناة ، فلا يأس ولا قنوط من روح الله ، بل الايمان التام بالاستجابة ، ولكل إنسان تجربته، فكم إنسان عند الضر الشديد يلجأ لله وعند الفرج يعرض الانسان وينسى ويتنكر لله، وهذه اسأة لله، وحالة اسراف خطيرة، والبعض في حالة الشدة يتنكرون لله وتقسى قلوبهم ، وهذا لا ينسجم مع فطرة الايمان اطلاقا، ولهذا آثارة السيئة على نفسه وحياته، والشئ الصحيح للإنسان المؤمن هو التوجه إلى الله، توجه صادق ، والدعاء هو عبادة ومخ العبادة، والمؤمن يعبر عن عبوديته لله بالدعاء، وهو الصلة بالله ، ولهذا لابد أن نتجه بالدعاء بالتضرع و التخاطب مع الله بأدب المقام من الله سبحانه وتعالى، فما يميز عمق الدعاء هو التوجه الصادق با لوجدان والمشاعر وليس بأطراف اللسان، الإقبال بالدعاء يتطلب توجه شعوري ونفسي فيه الخشوع والضروع لله لنيل فضله وكرمه ونعمه التي لا تحصى ولا تعد، الدعاء بالاستقامة والإصلاح في الأرض، وعلى الانسان ان يتجه بالدعاء الذي يهتم بالآخرة وليس طلبات الدنيا، والرؤية الصحيحة بالدعاء هي طلب استقامة أمور الآخرة و الوقاية من عذاب النار..
في شهر رمضان وفي الظروف الراهنة، وفي ظل الواقع الايماني والصيام و القيام وصالح الأعمال، ومشاعر القرب من الله، وفيما نعيشه من واقع عالمي وجدب، ومعاناة بلدنا، وهذا أحد هموم بلادنا َفي الارياف وظروف المعيشة، وبهذه الحالة يجب أن نعود لله سبحانه ونطلب منه المغفرة والهداية والنصر والعون والتوفيق والخير والفرج، ونلتجئ إلى الله ونثق به ومن واقع الاستجابة العملية، و نتوجه بالتوبة الدائمة لله سبحانه وتعالى، ومن اهم التوجه العملي انصاف المظالم وإخراج الزكاة فهذا يؤثر على كل شئ، والكل معنيين بإصلاح وقعنا العملي بالرجوع إلى الله، الرجوع العملي الذي نحرص فيه لتحقيق الاستجابة الكاملة من الله، بدلا من قسوة القلوب واليأس، وهذه حالة خطيرة، والحالة الصحيحة اليوم هي التضرع لله والدعاء لله والرجوع بالاستغاثة وصلاة الاستسقاء بحيث لا تكون يتيمه ، التي يتقدمها الاستغفار، والكف عن المعاصي والذنوب.