صنعاء – سبأ:
تتجّلى حكمة الخالق عز وجل في فرض صيام شهر رمضان، في كونها فرصة للتزود بالتقوى وترويض النفس على الصبر والتقرب من المولى عز وجل بالطاعات والذكر والعبادات، والدعاء في هذا الشهر الذي ميزّه الله على سائر أشهر العام.
وفي هذا الإطار أشار قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرته الرمضانية الأولى، إلى أن الظروف تتهيأ خلال شهر رمضان كمحطة سنوية للصفاء الذهني والنفسي كما أن الشهر الكريم، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بين الصيام في الغاية المرجوة منه وهي التقوى والقرآن الكريم والاهتداء به.
أودع الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل من الخير والبركة ما لا يوازيه أي شهر، ففيه مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات والعتق من النار وتصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران، ومما لا شك فيه أن صوم شهر رمضان وتلاوة القرآن وإمساك الجوارح عن الآثام والمعاصي وإقامة الصلوات في أوقاتها والإكثار من الاستغفار والتسبيح والبذل والتضحية والإخلاص جميعها عوامل تقرب المسلم من ربه.
ويشير قائد الثورة إلى أن القرآن الكريم يمثل شفاء للنفس البشرية من كل معاناة تؤثر سلباً على فطرتها كما أنه يحصنها من التأثيرات السلبية وما يترتب على ذلك من شر في الحياة ونتائج مباشرة على النفس.
وأكد على أهمية أن نتذكر بالقرآن ونذكر به، ونلتفت إليه مع التدبر والتأمل والتقييم لأنفسنا وواقعنا وأعمالنا والتوجه العملي الصادق على تلافي جوانب القصور وإصلاحها.
وتطرق إلى مسألة التقوى التي تأتي لتضبط الإنسان على المستوى العملي الذي يقيه من الأعمال والعواقب السيئة، وأهمية التقوى لعاجل الدنيا وآجل الآخرة وما يجب أن يستحضره الإنسان في هذه المسألة حينما يتجه لصيام شهر رمضان وكل ما يساعد على تزكية النفس.
وربط قائد الثورة بين التقوى والوصول إلى الجنة.. وقال ” إذا كنت تقياً وتلتزم التقوى في حياتك وأعمالك، فهذه الثمرة العظيمة ستتحقق لك بالفوز العظيم، وإذا كان الإنسان مستهترا تغلب عليه أهوائه، فهو بعيد عن هذه الثمرة وسيخسر كل شيء”.
وتأتي أهمية شهر رمضان في ارتباطه بالتقوى التي تقي الإنسان الكثير من المصائب الناتجة عن أعماله، وهو ما لفت إليه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بقوله” كثير ما يواجه الإنسان على المستوى الشخصي من مصاب، ناتج عن أعماله وتجاوزاته وتقصيره وأخطائه وهي مسألة ندرك من خلالها أهمية التقوى التي تقينا الكثير من المصائب”.
ويضيف” عندما تكون متقياً لله لن تكون وحدك في مواجهة هموم هذه الحياة ومتاعبها وأعبائها وتحدياتها، لأن الله معك” .. مؤكداً أن أكبر ثمرة للتقوى تتمثل في النجاة من عذاب الله وما توّعد به من عقوبات لمن ينتهك تلك المحرمات ويفرط في أداء المسؤوليات.
وارتبطت فريضة الصوم، بكتاب الله عز وجل الذي أنزل في شهر رمضان المبارك لهداية البشرية، قال تعالى” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”.
وتكمن روحانية فريضة الصيام في كونها وسيلة لتحقيق التقوى التي هي فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه، ومن أعظم الأسباب التي تعين الإنسان على تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، وهو ما يحتاج إليه الإنسان، كما قال قائد الثورة “إن الصيام والإقبال على الأعمال الصالحة يكسب الإنسان التجلد على الصبر والمنعة أمام أهواء النفس التي لها تأثير كبير على الإنسان، في حين أن التقوى تقي الإنسان من عذاب لله ومن الأعمال والانحرافات الخطيرة التي تخرج به عن خط الإيمان والتقوى”.
وضمن مجالات التقوى التي سردها السيد القائد الجهاد في سبيل الله والتي اعتبرها مسؤولية لا يجوز التفريط فيها لما يترتب عليها عزة ومنعة وقوة وانتصار وحماية من أعداء لله.
ومن المجالات المهمة للتقوى التي أوردها قائد الثورة في محاضرته الأولى المعاملات المالية مستشهدا بقوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” .. مبيناً أن المعاملات المالية بهذا الخصوص تُعد ظاهرة خطيرة انتشرت بين المسلمين بما تمثله من ذنوب عظيمة ينتج عنها آثار سلبية على الجانب الاقتصادي ونزع البركات والخيرات.
ومن مجالات التقوى حسب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، صلاح ذات البين كون التفريط في ذلك خلل في التقوى وله نتائج سلبية في تحمل المسؤولية الجماعية وما ينتج عن ذلك من مفاسد ومعاصي.
وقال” إذا ساءت العلاقة بين المجتمع المؤمن، سيترتب على ذلك الكثير من المعاصي، بما فيها التجاوزات والإساءات والاغتياب والافتراء والاتهام وسوء الظن، إضافة إلى أن ذلك يمثل عائقاً حقيقاً عن القيام بالمسؤوليات الجماعية ما ينبغي، السعي لإصلاح ذات البين وتجنب ما يفسدها وهي الترجمة العملية للتقوى”.
وعرّج قائد الثورة على إيجابيات التقوى وثمارها في الدنيا على المستوى الشخصي بقوله” قد تضيق عليك الأمور وتعيش ظروفاً صعبة لكنك تطمئن أنها مرحلة مؤقتة وفي حال استمر الإنسان في التقوى، سيأتي الفرج والمخرج”.
في حين أن أهمية التقوى على المستوى المجتمعي وفقاً لقائد الثورة تكمن في تحرك المجتمع على أساس التقوى والإيمان والعمل الصالح الذي يحظى بمعونة الله ورحمته وتوفيقه وعونه بالرعاية الواسعة والشاملة من المولى تبارك وتعالى.
وتطرق السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى مخاطر التفريط بالتقوى على واقع المجتمع المسلم قائلا ” عندما فرط المجتمع المسلم في كثير من الأمور، كان لتفريطه نتائج سيئة، وخسائر كبيرة وأصبح واقع الأمة ضعيفا وسهل السيطرة عليها من قبل أعدائها”.