جاء في كتاب ( التحولات في روسيا..إلى أين ؟ دار الثقافة الجديدة ، القاهرة ، 1998) للباحث الجاد الصديق د. صالح يحيى محسن ، الذي اعتبره خبيرا حقيقيا في الشؤون الروسية – بخلاف ((خبراء)) الفضائيات الذين يقرؤون من ((براشيم)) – وصف دقيق للوضع البائس الذي كانت تعيشه روسيا وهي تنزلق إلى الهاوية انزلاقا بدا للكثيرين حتميا .
كان الناتو يزحف بتهور نحو حدود روسيا للإطباق عليها وهي تنظر إلى الوحش القادم مستسلمة خائرة القوى . وكيف لها أن تواجه حلف الناتو وهي تعيش انهيارا اقتصاديا وخرابا عاما شمل القوات المسلحة. ومما ورد في هذا الكتاب المهم تحت عنوان ( الناتو على حدود روسيا ) ص 209 – 215 نعرف ملامح الوضع المزري للقوات المسلحة الروسية المتمثلة في الآتي:
– أدى انهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد إلى تدهور الأوضاع المادية والمعنوية والجاهزية القتالية للقوات المسلحة وهو ماكشفته حرب الشيشان . فما رصد من مخصصات للقوات المسلحة في ميزانية الدولة عام 1997 لم يتجاوز ما يساوي 19 مليار دولار أمريكي ، هذا في حين رصدت الولايات المتحدة بمفردها مبلغ 120 مليار دولار خصص لتوسيع حلف الناتو شرقا .
– أصبحت مرتبات العسكريين متواضعة جدا ، فراتب أدميرال الغواصة النووية يعادل 200 دولار لاغير ، وفوق ذلك لم تكن تصرف المرتبات إلا مرتين أو ثلاث مرات على الأكثر في السنة .
– في أكتوبر 1996 انتحر عالم الذرة فلاديمير نيتشاي ، الذي لم يزد راتبه عن 300 دولار وهو رئيس المركز الفيدرالي للأبحاث النووية الاستراتيجية في تشيليابينسك احتجاجا على تدهور أوضاع المركز خلال السنوات الأخيرة وانقطاع رواتب العلماء والخبراء المتخصصين العاملين بالمركز لمدة تتراوح ما بين أربعة وستة شهور متتالية .
– بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي فقدت روسيا معظم المعدات الحربية التي كانت منتشرة في الجمهوريات التي استقلت ، ولم ترث روسيا من التركة السوفيتية على سبيل المثال سوى 37 في المائة من طائرات الميج (29) و 23 في المائة من طائرات سوخوي (27) ، ولم يتبق لها سوى نصف الموانئ الحربية التي أصبحت في وضع مترد وبحاجة إلى صيانة شاملة.
والخلاصة هي أن وضع القوة العسكرية الروسية لخصها وزير الدفاع إيجور راديونيف في شهر مارس 1997 بقوله (( أنا وزير لجيش منهار وأسطول يلفظ أنفاسه الأخيرة )) ، وفي الشهر ذاته توصلت مجموعة من خبراء حلف الناتو اجتمعت في العاصمة الألمانية بون إلى استنتاج أن (( الجيش الروسي على حافة الإفلاس )).
هذه هي روسيا زمن بوريس يلتسين الديمقراطي الذي قصف بالدبابات مقر البرلمان في موسكو وأيده الغرب في تصرفه المتحضر هذا ! هذه هي روسيا التي رضي عنها الغرب وحلفه العسكري الذي واصل ويواصل تمدده لفرض الهيمنة على بقية شعوب الأرض بيد من حديد .
من صفحته غلى الفيس بوك