الوحدة نيوز/ رغم أن التوترات بين روسيا وأوكرانيا ستحتل مساحة كبيرة من نقاشات مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن لعام 2022م.. تنطلق، اليوم الجمعة، أعمال المؤتمر بعد مرور نحو عامين من آخر انعقاد فعلي له، ولكن دون مشاركة الجانب الروسي.
ويأتي هذا المؤتمر في وقت تشهد العديد من الملفات السياسية والدفاعية على الساحة العالمية تطورات سريعة تشمل تداعيات كورونا وأزمات المناخ والطاقة ووضع الصين عالميا، كما يطرح تساؤلات حول بنية النظم الأمنية، بالإضافة إلى المباحثات مع إيران حول الاتفاق النووي والتوتر بين روسيا وأوكرانيا، والمحادثات الأوروبية الأمريكية المستمرة لاحتواء هذا التوتر.
وبحسب وكالات الأنباء الروسية، لن تشارك روسيا في المؤتمر رغم توجيه دعوة للمسؤولين الروس، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الأسبوع الماضي: إن الحكومة الروسية لن تشارك في المؤتمر بأي ممثلين لأسباب مختلفة.. مضيفة: إن المؤتمر الذي يُجمع خبراء السياسية الأمنية في العالم فقد موضعيته.
وقال رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن فولجانج إشينغر، خلال مؤتمر صحفي هذا الأسبوع: إنه وجه الدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وإلى نائب رئيس مجلس الأمن دميتري مدفيديف، “لكن لسوء الحظ تم رفض ذلك”.
وأضاف إشينغر: “المناقشات حول الأزمة الأوكرانية كانت ستكون ذات مغزى أكبر إذا شارك ممثل من الحكومة الروسية”.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أكدت في تصريح لها الأربعاء، أن “وزير الخارجية أنتوني بلينكن سوف يناقش مع الحلفاء والشركاء الجهود الجارية لحث روسيا على خفض التصعيد واختيار طريق الدبلوماسية، إضافة إلى الاستعداد لفرض تكلفة باهظة إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا”.
هذا وستحتل النقاشات حول التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران جانبا ملحوظا من المناقشات في المؤتمر، حيث سيشارك مسؤولون كبار من كل الدول المنخرطة في مفاوضات فيينا للوصول إلى اتفاق، مثل وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والفرنسي جان إيف لودريان، إضافة إلى مسؤولين عن الاتحاد الأوروبي.
وتشير تصريحات سابقة لوزير الخارجية الفرنسي إلى أن الوصول إلى اتفاق مع إيران حول أنشطتها النووية وشيك، بعد نحو عام من مفاوضات فيينا.
ومن بين أبرز المتحدثين في المؤتمر أيضاً على مدار الأيام الثلاثة المقبلة، المستشار الألماني أولاف شولتس، ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي.
وسيفتتح المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو، وبعد ذلك سيتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والعديد من الوزراء الألمان اليوم، وهم وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ووزيرة الدفاع كريستين لامبرشت، ووزيرة التنمية سفينيا شولتسه، ووزير الزراعة جيم أوزدمير.
ويشارك حوالي 30 رئيس دولة وحكومة في أهم اجتماع دولي للخبراء المعنيين بالسياسة الأمنية، بالإضافة إلى أكثر من 80 وزيرا.
ويعقد المؤتمر في فندق “بايريشر هوف” الفاخر في ظل قيود صارمة للوقاية من كورونا.
وبدلا من مشاركة 2000 شخص، تم قبول 600 مشارك فقط هذه المرة.. وسيتعين أن يكون كافة المشاركين مطعمين ضد كورونا وأن يخضعوا لاختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) يوميا.
ومن المقرر أن يناقش المؤتمر الطريقة الصحيحة للتعامل بين الغرب والصين إضافة إلى قضايا بنية النظام الأمني الأوروبي – الأطلسي، والشراكة بين أوروبا والولايات المتحدة.
وتم نشر تقرير المؤتمر لعام 2022، قبل عدة أيام تحت عنوان (التغلب على العجز)، وهو تقرير يصف شعورا جماعيا بالعجز لدى بعض الدول والمجتمعات أمام التحديات الكبيرة التي واجهها العالم خاصة في عام 2020 بعد اندلاع جائحة كورونا.
وأوضح التقرير أن عام 2021 لم يكن عاما للتفاؤل، حيث هيمنت أزمة جديدة على العالم كل شهر ما ضاعف من الشعور بالعجز أمام هذه الأزمات.
ولفت التقرير إلى أن أزمات، مثل فشل الولايات المتحدة وحلفائها وانسحابها من أفغانستان في عام 2021، طرحت تساؤلات حول قدرة الغرب على بناء هياكل وتشريعات لتعزيز الاستقرار في مناطق أخرى من العالم.
وأشار التقرير إلى أن التطورات في أفغانستان، أثارت تساؤلات حول الدور الأوروبي في الساحل الأفريقي، فبالرغم من أن هذا الإقليم شهد جهودا هائلة لبناء السلام منذ عام 2013، إلا أن الوضع الأمني هناك في تدهور مستمر.
كما أشار التقرير إلى عدد من الأزمات في العالم، مثل التوترات في القرن الأفريقي والخليج، وارتفاع نسبة عدم المساواة، وكذلك مشاكل سلاسل التوريد العالمية.
واتهمت ألمانيا روسيا بتعريض أمن أوروبا للخطر مع “مطالب تعود إلى حقبة الحرب الباردة” قبل مؤتمر ميونخ السنوي للأمن الذي ستسيطر عليه الأزمة المرتبطة بأوكرانيا حيث تخشى الولايات المتحدة هجوما روسيا “في الأيام المقبلة”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان لها اليوم الجمعة: “مع نشر غير مسبوق لقوّات عند الحدود مع أوكرانيا ومطالب تعود إلى حقبة الحرب الباردة، تتحدّى روسيا المبادئ الأساسيّة لنظام السلام الأوروبي”.. داعيةً موسكو إلى إظهار “جهود جادّة لخفض التصعيد”.
ويجتمع قادة دوليّون ودبلوماسيّون رفيعي المستوى في ميونيخ جنوب ألمانيا، ابتداء من اليوم الجمعة وحتى يوم الأحد القادم، لإجراء مناقشات حول قضايا الدفاع والأمن مدة ثلاثة أيام.
وينعقد هذا المؤتمر السنوي في ذروة التوتر بين موسكو والغرب الذي يخشى من استعداد القوات الروسية لغزو أوكرانيا.. ويُنتظر مشاركة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ووزيرة الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.. ولن تشارك روسيا التي يمثلها عادة وزير خارجيتها سيرغي لافروف، في المؤتمر هذه السنة.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الروسي نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن الأسبوع المقبل “شرط ألا يكون حدث غزو روسيا لأوكرانيا” على ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مساء الخميس.
وأفاد مسؤول في البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن سيجري محادثات بعد ظهر اليوم “مع مسؤولين أوروبيين.. بشأن القوات العسكرية الروسية المحتشدة عند حدود أوكرانيا” والجهود التي ينبغي بذلها لترجيح الحل الدبلوماسي.
الجدير ذكره أن مؤتمر ميونيخ للأمن يُعد منصة فريدة في العالم للنخب الدولية في السياسة الأمنية.. تحتضنه مدينة ميونيخ لمدة 3 أيام من شهر فبراير من كل عام، ويعتبر مؤتمرا عن الأمن الدولي للحديث عن الأزمات والصراعات والسياسة العسكرية والأمنية في العالم.. وليس هناك مكان آخر في العالم يجمع هذا العدد من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن.
وفي تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية المؤتمر للمرة الرابعة على التوالي في مرتبة أهم مؤتمر في العالم.. والمؤتمر هو بوتقة للتواصل بين الفاعلين السياسيين للتعارف وتبادل وجهات النظر ولرسم الخطوط الحمراء.