التهويل الأميركي يفقد فاعليته: حشْد وساطات بين روسيا والغرب
وكالات:
تتسارع الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تهدئة التوتّر بين روسيا والغرب، ومنْع انزلاق الأوضاع على الحدود الأوكرانية نحو الحرب. وإذ توحي التصريحات والمواقف المرافقة لتلك الجهود بنوعٍ من الخروق الإيجابية، تعود التوضيحات الصادرة عن كلا الطرفين، لتُظلّل المشهد بالغموض. على أن اللافت، في خضمّ كلّ ذلك، هو أن التهويل الأميركي ــــ الأطلسي من غزو عسكري روسي وشيك لأوكرانيا، لم يَعُد يلقى آذاناً صاغية، وهو ما قد يضطرّ واشنطن إلى التخلّي عن هذا التكتيك
جهود ماكرون تواصَلت على الضفّة المقابِلة بلقائه الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، والذي يسبق اجتماعه في برلين بالمستشار الألماني، أولاف شولتز، العائد للتوّ من واشنطن، في إطار سلسلة جهود دبلوماسية أوروبية خلال الأسبوعَين الحالي والمقبل. وأكد شولتز، خلال لقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في واشنطن، أن الولايات المتحدة وألمانيا «متّحدتان بشكل مطلق» بشأن العقوبات التي ينبغي أن تُفرض على روسيا إذا هاجمت أوكرانيا، فيما جدّد بايدن التحذير من أن هجوماً روسيّاً سيعني «نهاية» خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2». والأكيد أن ربط مصير «نورد ستريم 2» بالأزمة الأوكرانية لا يأتي من عبث؛ فواشنطن و«الناتو» يواصلان جهودهما لمنع تحكُّم روسيا بتدفُّق الطاقة إلى أوروبا في حال نشوب أيّ نزاع، على رغم أن جهودهما لتوفير الغاز المسال من دول حليفة لم تصل بعد إلى نتائج مضمونة. وإذ أعاد «الناتو» إحياء فكرة خطّ أنابيب «ميدكات»مع إقليم كتالونيا في فرنسا «من أجل الاستقلال عن روسيا»، يُثار الكثير من الشكوك في إمكانية نجاح هذه الفكرة. أمّا واشنطن التي نالت موافقة أوروبية على تطوير شراكة في مجال الطاقة، فتحاول الاستفادة من الوضع لتسويق غازها المسال في القارة العجوز، بحسب ما يرى العديد من الخبراء الروس.
تحوُّل آخر بدا لافتاً في الأيام القليلة الماضية، تمثّل في تراجع وتيرة التصريحات «الأطلسية» حول نية روسيا غزو أوكرانيا، في ما أنبأ بفشل «سيناريو الحرب» الذي دأبت واشنطن منذ أشهر على الترويج له. ويتّضح هذا من خلال بيان وكالة «أسوشييتد برس» الذي أكد أن الصحافيين في الولايات المتحدة «ليسوا مستعدّين لأخذ كلام واشنطن في ما يتعلّق بالمجالات الاستخبارية والعسكرية، على محمل الجدّ»، وخصوصاً الحديث عن إعداد موسكو شريط فيديو يُظهر هجوماً أوكرانياً يبرّر لروسيا غزو جارتها. وقالت الوكالة إن الثقة «تضاءلت على مدى عقود بسبب حالات الأكاذيب والتزوير والأخطاء».
وفي ظلّ هذه الأجواء، لا يزال الميدان العسكري مسرحاً للبعْث برسائل متضادّة من قِبَل كلّ الأطراف. فموسكو تُواصل إظهار جاهزيتها لأيّ احتمال عبر المناورات العسكرية، وآخرها في البحر الأسود، حيث تتّجه 6 سفن حربية روسية قادمة من البحر المتوسط إلى المنطقة للمشاركة في التدريبات. أمّا «الناتو» فيتابع إمداد كييف بأنواع مختلفة من الأسلحة، في وقت أرسلت فيه واشنطن باكورة القوات الأميركية إلى رومانيا، في إطار مساعيها لتعزيز الدول الأعضاء في حلف «شمال الأطلسي» في شرق أوروبا.
Comments are closed.