الوحدة نيوز/ يتخوف الكثير من المسؤولين والخبراء في العالم من اتجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ وبحر الصين الجنوبي إلى سباق تسلح نووي يعرض النظام الدولي للخطر ويدمر السلام والاستقرار في المنطقة ويهدد الأمن والسلم الدوليين.
وفي الآونة الأخيرة، زادت وتيرة التجارب الصاروخية والإعلان عن صفقات شراء أسلحة في منطقة أسيا والمحيط الهادئ في ظل تصاعد الصراع بين القوى العظمى في هذه المنطقة من العالم.
وجاء إجراء التجارب لصورايخ حديثة فرط صوتية بعيدة المدى وشراء الأسلحة في المنطقة مع إعلان أستراليا في الفترة الماضية شراء عدد من الغواصات الأمريكية العاملة بالطاقة النووية وكذلك صواريخ كروز وتوما هوك وتشكيل حلف دفاعي مع واشنطن ولندن ليفاقم حسب الخبراء من الوضع ويدفع باتجاه سباق تسلح إقليمي لا يكبحه كابح وذلك بذريعة الردع والردع المضاد في لعبة تجاذب القوى بين الصين وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها.
وفي المقابل، هناك تحالف بين روسيا والصين، اللتان أجرتا تدريبات تعاون بحري في بحر اليابان في وقت سابق من أكتوبر الماضي، وعلاقات عسكرية ودبلوماسية أوثق في السنوات الأخيرة في وقت توترت فيه علاقاتهما مع الغرب.
ومنذ العام 2012، تجري موسكو وبكين مناورات بحرية منتظمة. وقد شارك جيش التحرير الشعبي الصيني، منذ العام 2018، في التدريبات الاستراتيجية الروسية السنوية الثلاث، والآن الروس يشاركون في مناورات بالصين.
وانطلق سباق تسلح في المنطقة تشارك فيه جميع دولها لتجنب التأخر في التسليح عن الجيران، ويحذر الخبراء من أن أي حسابات خاطئة قد تؤدي إلى صراع مفتوح في منطقة تعج بالتنافس والصراع بين شعوبها.
وفي شرق آسيا، تقوم اليابان وكوريا الجنوبية بتحديث جيوشها كرد فعل على يزعم بالتهديدات من جانب الصين وكوريا الشمالية.
وفي الإطار نفسه، تخشى دول مثل اليابان والفلبين، ولكلتيهما نزاعات مع الصين حول ملكية جزر في بحر الصين الجنوبي، من سعي بكين إلى تغيير الوضع الراهن بالقوة للسيطرة على مسارات شحن بحري هامة، مما يجعلهما أكثر سعياً لامتلاك مزيد من الأسلحة.وهكذا تتحول المنطقة إلى “برميل بارود” ضخم قابل للانفجار في أي وقت.
وحاليا،وفي ثاني اختبار من نوعه تجريه بيونغ يانغ في أقل من أسبوع ، أجرت كويا الشمالية تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ فرط صوتي بأشراف الزعيم كيم جونغ أون شخصيا ، وفق ما أعلنته كوريا الشمالية اليوم الأربعاء.
وقالت “وكالة أنباء كوريا الشمالية المركزية” الرسمية إن الصاروخ الذي أطلق الثلاثاء حمل “رأسا حربية انزلاقية، فرط صوتي أصاب هدفا في البحر يبعد ألف كيلومتر”.
وأضافت أنه “خلال اختبار إطلاق النار النهائي تم التحقق بشكل أدق من القدرة الفائقة على المناورة التي تتمتع بها الوحدة القتالية الخارقة لسرعة الصوت”.
سابقا،أجرت كوريا الجنوبية تجربة إطلاق ناجحة لصاروخ بالستي من غواصة ، لتصبح سابع دولة في العالم تمتلك هذه التكنولوجيا. وقبل ساعات على ذلك أطلقت كوريا الشمالية المسلّحة نوويًا صاروخَين باتجاه البحر.
وسلطت سلسلة التجارب الصواريخ والصفقات الدفاعية في المحيط الهادئ، الضوء على سباق تسلح إقليمي متصاعد، مع تزايد التنافس بين الصين والولايات المتحدة.
وعادة ما يثير إطلاق كوريا الشمالية لصواريخ جديدة قلق الولايات المتحدة من “التهديدات” التي تمثلها هذه التجارب كما تطلق تحذيرات لبيونغ يانغ من “تهديدات لجيرانها والمجتمع الدولي”.
ويعتبر محللون هذه التجارب الصاروخية الجديدة بأنها تمثل “تقدما تكنولوجيا” للدولة التي تبنى مجلس الأمن قرارات عدة تحظر عليها مواصلة برامج أسلحتها النووية وصواريخها البالستية.
وقال ليم يول-تشول، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة كيونغنام في سول، إن “وجود كيم جونغ أون خلال الاختبار يشير إلى أن الصاروخ الفرط صوتي بلغ مستوى مرضيا من الاكتمال”.
ومنذ تولي كيم جونغ أون السلطة قبل عشر سنوات، طورت بيونغ يانغ بسرعة تقنيتها العسكرية. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية العام الماضي أن الصواريخ الفرط صوتية هي من بين “الأولويات القصوى” لخطة كوريا الشمالية الخمسية. ويمثل هذا السلاح المتطور أحدث تقدم تكنولوجي في ترسانة النظام الستاليني.
ولا يزال الحوار بين بيونغ يانغ وواشنطن يواجه طريقا مسدودا بعد فشل المحادثات بين كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2019.
وأبدت حكومة الرئيس الحالي جو بايدن مرارا استعدادها للقاء مبعوثين من كوريا الشمالية بهدف التوصل إلى اتفاق على نزع السلاح النووي، لكن بيونغ يانغ رفضت العرض واتهمت الولايات المتحدة باتباع سياسة “عدائية”.
وفرضت على كوريا الشمالية عقوبات دولية بسبب برامجها للأسلحة المحظورة. وزاد الضغط على اقتصادها المتعثر بسبب إجراءات إغلاق الحدود الصارمة التي اتُخذت لمكافحة جائحة كوفيد-19.
واعتبرت كوريا الشمالية في 20 سبتمبر الماضي أن التحالف الأمريكي الجديد في آسيا والمحيط الهادئ والصفقة الأمريكية لتزويد أستراليا بغواصات، قد يؤديان إلى “سباق تسلح نووي” في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن “هذه أعمال غير مرغوب فيها وخطرة جدا ستخلّ بالتوازن الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتطلق سلسلة من سباق التسلح النووي”.
وأضاف “هذا يظهر أن الولايات المتحدة هي المسؤول الرئيسي الذي يعرض للخطر النظام الدولي لمنع الانتشار النووي”.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تحالف دفاعي أسترالي-أمريكي-بريطاني جديد يأتي ضمن اتفاقية شراكة يُنظر إليها على أنها تهدف إلى مواجهة صعود الصين.
وسبق أن أعرب وزير الدفاع الإندونيسي برابوو سوبيانتو عن تخوّف بلاده من اتجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ وبحر الصين الجنوبي إلى سباق تسلح، مشيراً إلى أن “الهند واليابان تتجهان إلى الحصول على غواصات نووية”.
وقال الوزير الإندونيسي خلال كلمة في أعمال القمة الأمنية الإقليمية السابعة عشرة، “حوار المنامة 2021″، أن بلاده “مضطرة إلى مواجهة الواقع الحالي، فهي تدرك مصالح الولايات المتحدة وأنها قوة عظمى بارزة تمتد على نصفي الكرة الأرضية، ولكننا أيضاً نعترف بمصالح الصين الشرعية، وندعم مكانة بكين الصحيحة كقوة عظمى”.
وأكد أن جاكرتا “تسعى إلى التفاهم والتعاون مع بكين وواشنطن”، مشيراً إلى سعي بلاده أيضاً إلى “تحقيق الاستقرار الإقليمي، وخصوصاً ملف أمن الممرات المائية والجوية المحاذية لبلادنا وما وراءها”.
وفي سؤاله عن مدى أثر التحالف الجديد (أوكوس) بين بريطانيا وأميركا وأستراليا، والذي أفرز اتفاقاً بين واشنطن وكانبيرا على تصنيع غواصات نووية لأستراليا، قال الوزير الإندونيسي إن “المنطقة يجب أن تكون خالية من الأسلحة النووية،” وأشار إلى المخاوف التي تعتري المنطقة.
ولطالما تبنى مجلس الأمن الدولي قرارات عدة تحظر على كوريا الشمالية مواصلة برامج أسلحتها النووية وصواريخها البالستية.
وعلى الرغم من تعرضها لكثير من العقوبات الدولية، طورت هذه الدولة قدراتها العسكرية سريعا خلال السنوات الأخيرة بقيادة كيم جونغ أون، وأجرت تجارب نووية عدة واختبرت بنجاح صواريخ بالستية قادرة على بلوغ الولايات المتحدة.
ويتزايد الإنفاق الدفاعي أيضا في أستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى. وتتهم الصين،الولايات المتحدة بتأجيج سباق التسلح.
وترتبط الولايات المتحدة باتفاقيات عسكرية مع اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وتايوان والهند، وأغلب تلك الدول توجد بينها وبين الصين – إن لم يكن جميعها –نزاعات حدودية لم يتم حسمها، باستثناء تايوان بالطبع التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.
ويرى محللون أن التوتر في مضيق تايوان بين بكين وتايبيه وصل إلى ذروته مؤخراً، وهو السبب المباشر في التركيز الدولي على سباق التسلح القائم في المنطقة منذ سنوات، إذ إن صراعات شرق وجنوب آسيا تتخطى مضيق تايوان جغرافياً وتاريخياً بالطبع.